الأمور، وأنه لم يزل مستهجناً في الطباع مستقبحاً في العقول. فإن قلت : ما للواو المضمومة في ﴿ وُورِيَ ﴾ لم تقلب همزة كما قلت في أو يصل ؟ قلت : لأن الثانية مدّة كألف وارى. وقد جاء في قراءة عبد الله :( أورى ) بالقلب ﴿ إِلا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ ﴾ إلاّ كراهة أن تكونا ملكين. وفيه دليل على أن الملكية بالمنظر الأعلى، وأن البشرية تلمح مرتبتها كلا ولا. وقرىء :( ملكين ) بكسر اللام، كقوله ﴿ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَى ﴾ ( طه : ١٢٠ ). ﴿ مِنَ الْخَالِدِينَ ﴾ من الذين لا يموتون ويبقون في الجنة ساكنين. وقرىء :( من سوأتهما )، بالتوحيد، ( وسوَّاتهما )، بالواو المشددة ﴿ وَقَاسَمَهُمَا ﴾ وأقسم لهما ﴿ إِنّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾. فإن قلت : المقاسمة أن تقسم لصاحبك ويقسم لك تقول : قاسمت فلاناً حالفته، وتقاسماً تحالفاً. ومنه قوله تعالى :﴿ تَقَاسَمُواْ بِاللَّهِ لَنُبَيّتَنَّهُ ﴾ ( النمل : ٤٩ ). قلت : كأنه قال لهما : أقسم لكما إني لمن الناصحين، وقالا له أتقسم بالله إنك لمن الناصحين، فجعل ذلك مقاسمة بينهم. أو أقسم لهما بالنصحية وأقسما له بقبولها. أو أخرج قسم إبليس على زنة المفاعلة، لأنه اجتهد فيه اجتهاد المقاسم ﴿ فَدَلَّاهُمَا ﴾ فنزّلهما إلى الأكل من الشجرة ﴿ بِغُرُورٍ ﴾ بما غرّهما به من القسم بالله. وعن قتادة : وإنما يخدع المؤمن بالله. وعن ابن عمر رضي الله عنه : أنه كان إذا رأى من عبده طاعة وحسن صلاة أعتقه، فكان عبيده يفعلون ذلك طلباً للعتق، فقيل له : إنهم يخدعونك، فقال : من خدعنا بالله انخدعنا له ﴿ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ ﴾ وجدا طعمها آخذين في الأكل منها. وقيل : الشجرة هي السنبلة. وقيل : شجرة الكرم ﴿ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا ﴾ أي تهافت عنهما اللباس فظهرت لهما عوراتهما، وكانا لا يريانها من أنفسهما، ولا أحدهما من الآخر. وعن عائشة رضي الله عنها :

__________


الصفحة التالية
Icon