النصارى اتخذت المشرق قبله لانتباذ مريم مكاناً شرقياً الروح : جبريل، لأنّ الدين يحيا به وبوحيه. أو سماه الله روحه على المجاز محبة له وتقريباً، كما تقول لحبيبك : أنت روحي. وقرأ أبو حيوة :( رَوْحنا ) بالفتح ؛ لأنه سبب لما فيه رَوح العباد، وإصابة الرَّوح عند الله الذي هو عدّة المقرّبين في قوله :﴿ فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ * فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ ﴾ ( الواقعة : ٨٩ ) أو لأنه من المقرّبين وهم الموعودون بالروح، أي مقرّبنا وذا روحنا.
! ٧ < ﴿ قَالَتْ إِنِّى أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّاً ﴾ > ٧ !
< < مريم :( ١٨ ) قالت إني أعوذ..... > > أرادت إن كان يرجى منك أن تتقي الله وتخشاه وتحفل بالاستعاذة، فإني عائذة به منك كقوله تعالى :﴿ بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾.
! ٧ < ﴿ قَالَ إِنَّمَآ أَنَاْ رَسُولُ رَبِّكِ لاًّهَبَ لَكِ غُلَاماً زَكِيّاً ﴾ > ٧ !
< < مريم :( ١٩ ) قال إنما أنا..... > > أي إنما أنا رسول من استعذت به ﴿ لاِهَبَ لَكِ ﴾ لأكون سبباً في هبة الغلام بالنفخ في الدرع. وفي بعض المصاحف : إنما أنا رسول ربك أمرني أن أهب لك. أو هي حكاية لقول الله تعالى.
! ٧ < ﴿ قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِى غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِى بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيّاً * قَالَ كَذالِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَىَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ ءَايَةً لِّلْنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْراً مَّقْضِيّاً ﴾ > ٧ !
< < مريم :( ٢٠ ) قالت أنى يكون..... > > جعل المسّ عبارة عن النكاح الحلال، لأنه كناية عنه، كقوله تعالى :﴿ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ﴾ ( البقرة : ٢٣٧ ) ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النّسَاء ﴾ ( النساء : ٤٣ ) والزنا ليس كذلك، إنما يقال فيه : فجربها وخبث بها وما أشبه ذلك، وليس بقمن أن تراعى فيه الكنايات والآداب. والبغيّ : الفاجرة التي تبغي الرجال، وهي فعول عند المبرد ( بغوي ) فأدغمت الواو في الياء. وقال ابن جنى في كتاب التمام : هي فعيل، ولو كانت فعولاً لقيل :( بغوّ ) كما قيل : فلان نهوّ عن المنكر ﴿ وَلِنَجْعَلَهُ ءايَةً ﴾ تعليل معلله محذوف أي : ولنجعله آية للناس فعلنا ذلك. أو هو معطوف على تعليل مضمر، أي لنبين به قدرتنا ولنجعله آية. ونحوه :﴿ وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاواتِ وَالاْرْضَ بِالْحَقّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ﴾ ( الجاثية : ٢٢ ) وقوله :﴿ وَكَذالِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى الاْرْضِ وَلِنُعَلّمَهُ ﴾ ( يوسف : ٢١ ). ﴿ مَّقْضِيّاً ﴾ مقدراً مسطوراً في اللوح لا بدّ لك من جريه عليه. أو كان أمراً حقيقاً بأن يكون ويقضي لكونه آية ورحمة. والمراد بالآية : العبرة والبرهان على قدرة الله. وبالرحمة : الشرائع

__________


الصفحة التالية
Icon