شَاكِرُونَ } > ٧ !
< < الأنبياء :( ٧٨ ) وداود وسليمان إذ..... > > أي : واذكرهما. وإذ : بدل منهما. والنفش : الانتشار بالليل. وجمع الضمير لأنه أرادهما والمتحاكمين إليهما. وقرىء :( لحكمهما ) والضمير في ﴿ فَفَهَّمْنَاهَا ﴾ للحكومة أو الفتوى. وقرىء :( فأفهمناها ) حكم داود بالغنم لصاحب الحارث فقال سليمان عليه السلام وهو ابن إحدى عشرة سنة : غير هذا أرفق بالفريقين، فعزم عليه ليحكمنّ، فقال : أرى أن تدفع الغنم إلى أهل الحارث ينتفعون بألبانها وأولادها وأصوافها، والحارث إلى أرباب الشاء يقومون عليه حتى يعود كهيئته يوم أفسد، ثم يترادّان. فقال : القضاء ما قضيت، وأمضى الحكم بذلك. فإن قلت : أحكما بوحي أم باجتهاد ؟ قلت : حكما جميعاً بالوحي، إلا أن حكومة داود نسخت بحكومة سليمان. وقيل : اجتهدا جميعاً، فجاء اجتهاد سليمان عليه السلام أشبه بالصواب. فإن قلت : ما وجه كل واحدة من الحكومتين ؟ قلت : أمّا وجه حكومة داود عليه السلام، فلأن الضرر لما وقع بالغنم سلمت بجنايتها إلى المجني عليه، كما قال أبو حنيفة رضي الله عنه في العبد إذ جنى على النفس : يدفعه المولى بذلك أو يفديه، وعند الشافعي رضي الله عنه : يبيعه في ذلك أو يفديه. ولعل قيمة الغنم كانت على قدر النقصان في الحارث. ووجه حكومة سليمان عليه السلام أنه جعل الانتفاع بالغنم بإزاء ما فات من الانتفاع بالحرث، من غير أن يزول ملك المالك عن الغنم، وأوجب على صاحب الغنم أن يعمل في الحارث حتى يزول الضرر والنقصان، مثاله ما قال أصحاب الشافعي فيمن غصب عبداً فأبق من يده : أنه يضمن القيمة فينتفع بها المغصوب منه بإزاء ما فوّته الغاصب من منافع العبد، فإذا ظهر ترادّا، فإن قلت : فلو وقعت هذه الواقعة في شريعتنا ما حكمها ؟ قلت : أبو حنيفة وأصحابه رضي الله عنهم لا يرون فيه ضماناً بالليل أو بالنهار ؛ إلا أن يكون مع البهيمة سائق أو قائد والشافعي رضي الله عنه يوجب الضمان بالليل. وفي قوله :﴿ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ﴾ دليل على أنّ الأصوب كان مع سليمان عليه السلام. وفي قوله ﴿ وَكُلاًّ ءاتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً ﴾ دليل على أنهما جميعاً كانا على الصواب ﴿ يُسَبّحْنَ ﴾ حال بمعنى مسبحات. أو استئناف. كأن قائلاً قال : كيف سخرهنّ ؟ فقال : يسبحن ﴿ وَالطَّيْرُ ﴾ إمّا معطوف على الجبال، أو مفعول معه، فإن قلت : لم قدمت الجبال على الطير ؟ قلت : لأنّ تسخيرها وتسبيحها أعجب وأدلّ على القدرة وأدخل في الإعجاز، لأنها جماد والطير حيوان، إلا أنه غير ناطق. روي : أنه كان يمرّ بالجبال مسبحاً وهي تجاوبه. وقيل : كانت تسير معه حيث سار. فإن قلت : كيف تنطق الجبال وتسبح ؟ قلت : بأن يخلق الله فيها الكلام كما