فإن قلت : ما كان حزنها لفقد الطعام والشراب حتى تسلى بالسري والرطب ؟ قلت : لم تقع التسلية بهما من حيث أنهما طعام وشراب، ولكن من حيث أنهما معجزتان تريان الناس أنها من أهل العصمة والبعد من الريبة، وأن مثلها مما قرفوها به بمعزل، وأن لها أموراً إلهية خارجة عن العادات خارقة لما ألفوا واعتادوا، حتى يتبين لهم أنّ ولادها من غير فحل ليس ببدع من شأنها.
! ٧ < ﴿ وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً * فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرِّى عَيْناً فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ البَشَرِ أَحَداً فَقُولِى إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَانِ صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً ﴾ > ٧ !
< < مريم :( ٢٥ - ٢٦ ) وهزي إليك بجذع..... > > ﴿ تُسَاقِطْ ﴾ فيه تسع قرآت :( تساقط ) بإدغام التاء. و ( تتساقط ) بإظهار التاءين. و ( تساقط ) بطرح الثانية. و ( يساقط )، بالياء وإدغام التاء. و ( تساقط ) و ( تسقط ) و ( يسقط )، و ( تسقط )، و ( يسقط ) التاء للنخلة، والياء للجذع. ورطباً تمييز أو مفعول على حسب القراءة. وعن المبرد : جواز انتصابه بهزّي وليس بذاك. والباء في ﴿ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ ﴾ صلة للتأكيد، كقوله تعالى :﴿ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ أو على معنى : افعلي الهزّ به، كقوله :% ( يَجْرَحُ فِي عَرَاقِيبِهَا نَصْلي ;
قالوا : التمر للنفساء عادة من ذلك الوقت، وكذلك التحنيك، وقالوا : كان من العجوة. وقيل : ما للنفساء خير من الرطب، ولا للمريض خير من العسل، وقيل : إذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب. عن طلحة بن سليمان ﴿ جَنِيّاً ﴾ بكسر الجيم للإتباع، أي جمعنا لك في السريّ والرطب فائدتين، إحداهما : الأكل والشرب، والثانية سلوة الصدر ؛ لكونهما معجزتين. وهو في معنى قوله :﴿ فَكُلِى وَاشْرَبِى وَقَرّى عَيْناً ﴾ أي وطيبي نفساً ولا تغتمي وارفضي عنك ما أحزنك وأَهَمَّكِ. و ( قِرِّي ) :﴿ وَقَرّى ﴾ بالكسر لغة نجد ﴿ فَإِمَّا تَرَيِنَّ ﴾ بالهمز : ابن الرومي. عن أبي عمرو : وهذا من لغة من يقول : لبأت بالحج، وحلأت السويق، وذلك لتآخٍ بين الهمزة وحرف اللين في الإبدال ﴿ صَوْماً ﴾ صمتاً. وفي مصحف عبد الله : صمتاً. وعن أنس بن مالك مثله. وقيل : صياماً، إلا أنهم

__________


الصفحة التالية
Icon