كل عضو من أعضائه وكل جزء من أجزائه عجائب فطرة وغرائب حكمة لا تدرك بوصف الواصف ولا تبلغ بشرح الشارح : وقد احتجّ به أبو حنيفة فيمن غصب بيضة فأفرخت عنده قال : يضمن البيضة ولا يرد الفرخ : لأنه خلق أخر سوى البيضة ﴿ فَتَبَارَكَ اللَّهُ ﴾ فتعالى أمره في قدرته وعلمه ﴿ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ أي : أحسن المقدّرين تقديراً، فترك ذكر المميز لدلالة الخالقين عليه. ونحوه : طرح المأذون فيه في قوله :﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ ﴾ ( الحج : ٣٩ ) لدلالة الصلة. وروي عن عمر رضي الله عنه :
( ٧١٩ ) أنّ رسول الله ﷺ لما بلغ قوله خلقاً آخر، قال :( فتبارك الله أحسن الخالقين ). وروي :
( ٧٢٠ ) أنّ عبد الله بن سعد بن أبي سرح كان يكتب للنبي ﷺ، فنطق بذلك قبل إملائه، فقال : له النبي ﷺ :( اكتب هكذا نزلت ) فقال : عبد الله : إن كان محمد نبياً يوحى إليه فأنا نبيّ يوحى إليّ، فلحق بمكة كافراً، ثم أسلم يوم الفتح.
! ٧ < ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذالِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ ﴾ > ٧ !
< < المؤمنون :( ١٥ ) ثم إنكم بعد..... > > قرأ ابن أبي عبلة وابن محيصن : لمائتون. والفرق بين الميت والمائت : أنّ الميت كالحيّ صفة ثابتة. وأمّا المائت، فيدلّ على الحدوث. تقول : زيد مائت الآن، ومائت غداً، كقولك يموت. ونحوهما : ضيق وضائق، وفي قوله تعالى :﴿ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ ﴾ ( هود : ١٢ ) جعل الإماتة التي هي إعدام الحياة، والبعث الذي هو إعادة ما يفنيه ويعدمه : دليلين أيضاً على اقتدار عظيم بعد الإنشاء والاختراع. فإن قلت : فإذاً لا حياة إلا حياة الإنشاء وحياة البعث. قلت : ليس في ذكر الحياتين نفي الثالثة وهي حياة القبر، كما لو ذكرت ثلثي ما عندك وطويت ذكر ثلثه لم يكن دليلاً على أن الثلث ليس عندك. وأيضاً فالغرض ذكر هذه الأجناس الثلاثة : الإنشاء والإماتة والإعادة، والمطوي ذكرها من جنس الإعادة.