﴿ عَبَثاً ﴾ حال، أي : عابثين، كقوله :﴿ لاَعِبِينَ ﴾ أو مفعول له، أي : ما خلقناكم للعبث، ولم يدعنا إلى خلقكم إلاّ حكمة اقتضت ذلك، وهي : أن نتعبكم ونكلفكم المشاق من الطاعات وترك المعاصي، ثم نرجعكم من دار التكليف إلى دار الجزاء، فنثيب المحسن ونعاقب المسيء ﴿ وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ ﴾ معطوف على ﴿ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ ﴾ ويجوز أن يكون معطوفاً على ﴿ عَبَثاً ﴾ أي : للعبث، ولترككم غير مرجوعين. وقرىء :( ترجعون ) بفتح التاء ﴿ الْحَقُّ ﴾ الذي يحق له الملك ؛ لأنّ كل شيء منه وإليه. أو الثابت الذي لا يزول ولا يزول ملكه. وصف العرش بالكرم لأنّ الرحمة تنزل منه والخير والبركة. أو لنسبته إلى أكرم الأكرمين، كما يقال : بيت كريم، إذا كان ساكنوه كراماً. وقرىء : الكريم، بالرفع. ونحوه :﴿ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ﴾ ( البروج : ١٥ ). ﴿ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ﴾ كقوله :﴿ مَا لَمْ يُنَزّلْ بِهِ سُلْطَاناً ﴾ ( آل عمران : ١١٥ ) وهي صفة لازمة، نحو قوله :﴿ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ ﴾ ( الأنعام : ٣٨ ) جيء بها للتوكيد لا أن يكون في الآلهة ما يجوز أن يقوم عليه برهان. ويجوز أن يكون اعتراضاً بين الشرط والجزاء ؛ كقولك : من أحسن إلى زيد لا أحق بالإحسان منه، فالله مثيبه. وقرىء : أنه لا يفلح بفتح الهمزة. ومعناه : حسابه عدم الفلاح، والأصل : حسابه أنه لا يفلح هو، فوضع الكافرون موضع الضمير لأنّ ﴿ مِنْ * يَدُعُّ ﴾ في معنى الجمع، وكذلك ﴿ حِسَابُهُ * إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ﴾ في معنى :( حسابهم أنهم لا يفلحون ).
جعل فاتحة السورة ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ وأورد في خاتمتها :﴿ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ ﴾ فشتان ما بين الفاتحة والخاتمة.
عن رسول الله ﷺ :
( ٧٢٧ ) ( مَنْ قَرَأَ سورةَ المؤمنونَ بشّرتْهُ الملائكةُ بالروحِ والريحانِ وما تقرُّ به عينُه