القراميل خلاف أمر سائر الحلي، لأنه لا يقع إلاّ فوق اللباس، ويجوز النظر إلى الثوب الواقع على الظهر والبطن للأجانب فضلاً عن هؤلاء. إلاّ إذا كان يصف لرقته فلا يحل النظر إليه، فلا يحلّ النظر إلى القراميل واقعة عليه. فإن قلت : ما المراد بموقع الزينة ؟ ذلك العضو كله، أم المقلد الذي تلابسه الزينة منه ؟ قلت : الصحيح أنه العضو كله كما فسرت مواقع الزينة الخفية، وكذلك مواقع الزينة الظاهرة : الوجه موقع الكحل في عينيه، والخضاب بالوسمة في حاجبيه وشاربيه، والغمرة في خديه، والكف والقدم موقعا الخاتم والفتخة والخضاب بالحناء. فإن قلت : لم سومح مطلقاً في الزينة الظاهرة ؟ قلت : لأن سترها فيه حرج فإن المرأة لا تجد بدّاً من مزاولة الأشياء بيديها، ومن الحاجة إلى كشف وجهها، خصوصاً في الشهادة والمحاكمة والنكاح، وتضطر إلى المشي في الطرقات وظهور قدميها، وخاصة الفقيرات منهنّ، وهذا معنى قوله :﴿ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ يعني إلاّ ما جرت العادة والجبلة على ظهوره والأصل فيه الظهور، وإنما سومح في الزينة الخفية، أولئك المذكورون لما كانوا مختصين به من الحاجة المضطرة إلى مداخلتهم ومخالطتهم، ولقلة توقع الفتنة من جهاتهم، ولما في الطباع من النفرة عن مماسة القرائب، وتحتاج المرأة إلى صحبتهم في الأسفار للنزول والركوب وغير ذلك. كانت جيوبهنّ واسعة تبدو منها نحورهن وصدورهن وما حواليها، وكنّ يسدلن الخمر من ورائهنّ فتبقى مكشوفة، فأمرن بأن يسدلنها من قدامهنّ حتى يغطينها، ويجوز أن يراد بالجيوب : الصدور تسمية بما يليها ويلابسها. ومنه قولهم : ناصح الجيب وقولك : ضربت بخمارها على جيبها، كقولك : ضربت بيدي على الحائط، إذا وضعتها عليه، وعن عائشة رضي الله عنها : ما رأيت نساءاً خيراً من نساء الأنصار، لما نزلت هذه الآية قامت كل واحدة منهن إلى مرطها المرحل فصدعت منه صدعة، فاختمرن، فأصبحن كأن على رؤوسهنّ الغربان. وقرىء :( جيوبهن ) بكسر الجيم لأجل الياء، وكذلك ﴿ بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ ﴾ قيل في نسائهنّ : هنّ المؤمنات، لأنه ليس للمؤمنة أن تتجرّد بين يدي مشركة أو كتابية. عن ابن عباس رضي الله عنهما. والظاهر أنه عني بنسائهن وما ملكت أيمانهن : من في صحبتهن وخدمتهنّ من الحرائر والإماء والنساء، كلهنّ سواء في حلّ نظر بعضهن إلى بعض. وقيل : ما ملكت أيمانهنّ هم الذكور والإناث جميعاً. وعن

__________


الصفحة التالية
Icon