الموت أو يوم القيامة كرهوا لقاءهم وفزعوا منهم، لأنهم لا يلقونهم إلا بما يكرهون، قالوا عند رؤيتهم ما كانوا يقولونه عند لقاء العدوّ الموتور وشدّة النازلة. وقيل : هو من قول الملائكة ومعناه : حراماً محرماً عليكم الغفران والجنة والبشرى، أي : جعل الله ذلك حراماً عليكم.
! ٧ < ﴿ وَقَدِمْنَآ إِلَى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَآءً مَّنثُوراً ﴾ > ٧ !
< < الفرقان :( ٢٣ ) وقدمنا إلى ما..... > > ليس ههنا قدوم ولا ما يشبه القدوم، ولكن مثلاً حال هؤلاء وأعمالهم التي عملوها في كفرهم من صلة رحم، وإغاثة ملهوف، وقرى ضيف، ومنّ على أسير، وغير ذلك من مكارمهم ومحاسنهم بحال قوم خالفوا سلطانهم واستعصوا عليه، فقدم إلى أشيائهم، وقصد إلى ما تحت أيديهم فأفسدها ومزقها كل ممزق، ولم يترك لها أثراً ولا عثيراً، والهباء : ما يخرج من الكوّة مع ضوء الشمس شبيه الغبار. وفي أمثالهم : أقل من الهباء ﴿ مَّنثُوراً ﴾ صفة للهباء، شبهه بالهباء في قلته وحقارته عنده، وأنه لا ينتفع به، ثم بالمنثور منه، لأنك تراه منتظماً مع الضوء، فإذا حركته الريح رأيته قد تناثر وذهب كل مذهب. ونحوه قوله :﴿ كَعَصْفٍ مَّأْكُولِ ﴾ ( الفيل : ٥ ) لم يكف أن شبههم بالعصف حتى جعله مؤوفاً بالأكال ولا أن شبه عملهم بالهباء حتى جعله متناثراً، أو مفعول ثالث لجعلناه جامعاً لحقارة الهباء والتناثر، كقوله :﴿ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ﴾ ( البقرة : ٦٥ )، ( الأعراف : ١٦٦ ) أي جامعين للمسخ والخسء. ولام الهبار واو، بدليل الهبوة.
! ٧ < ﴿ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً ﴾ > ٧ !
< < الفرقان :( ٢٤ ) أصحاب الجنة يومئذ..... > > المستقرّ : المكان الذي يكونون فيه في أكثر أوقاتهم مستقرّين يتجالسون ويتحادثون. والمقيل : المكان الذي يأوون إليه للاسترواح إلى أزواجهم والتمتع بمغازلتهنّ ملامستهنّ، كما أنّ المترفين في الدنيا يعيشون على ذلك الترتيب. وروي أنه يفرغ من الحساب في نصف ذلك اليوم، فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار. وفي معناه قوله تعالى :﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ اليَوْمَ فِى شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِى ظِلَالٍ عَلَى الاْرَائِكِ مُتَّكِئُونَ ﴾ ( يس : ٥٥ ٥٦ ) قيل في تفسير الشغل : افتضاض الأبكار، ولا نوم في الجنة. وإنما سمي مكان دعتهم واسترواحهم إلى الحور مقيلاً على طريق التشبيه. وفي لفظ الأحسن : رمز إلى ما يتزين له مقيلهم. من حسن الوجوه وملاحة الصور، إلى غير ذلك