الابتداء الداخلة على المضارع تعطي معنى الحال، فكيف جامعت حرف الاستقبال ؟ قلت : لم تجامعها إلا مخلصة للتوكيد كما أخلصت الهمزة في يا الله للتعويض واضمحل عنها معنى التعريف. و ( ما ) في ﴿ أَإِذَا مَا ﴾ للتوكيد أيضاً، فكأنهم قالوا : أحقاً أنا سنخرج أحياء حين يتمكن فينا الموت والهلاك ؟ على وجه الاستنكار والاستبعاد. والمراد الخروج من الأرض، أو من حال الفناء. أو هو من قولهم : خرج فلان عالماً، وخرج شجاعاً : إذا كان نادراً في ذلك، يريد : سأخرج حياً نادراً على سبيل الهزؤ. وقرأ الحسن وأبو حيوة :( لسوف أخرج ) وعن طلحة بن مصرف رضي الله عنه ( لسأخرج ) كقراءة ابن مسعود رضي الله عنه ( ولسيعطيك ) وتقديم الظرف وإيلاؤه حرف الإنكار من قبل أن ما بعد الموت هو وقت كون الحياة منكرة، ومنه جاء إنكارهم، فهو كقولك للمسيء إلى المحسن : أحين تمت عليك نعمة فلان أسأت إليه : الواو عطفت ﴿ لاَ يَذْكُرُونَ ﴾ على ﴿ يِقُولُ ﴾ ووسطت همزة الإنكار بين المعطوف عليه وحرف العطف، يعني : أيقول ذاك ولا يتذكر حال النشأة الأولى حتى لا ينكر الأخرى فإن تلك أعجب وأغرب وأدل على قدرة الخالق، حيث أخرج الجواهر والأعراض من العدم إلى الوجود، ثم أوقع التأليف مشحوناً بضروب

__________


الصفحة التالية
Icon