في أن العناية هي سبب التقديم، وقد صدقت حتى جعل لها ما هو أحق بأن يكون خبراً اسماً، وورود الفعل بلفظ الماضي للدلالة على أنه أمر قد جرب وعرف. ومنه قولهم : أهون ما أعملت لسان ممخ. وعن ابن مسعود رضي الله عنه : أفرس الناس ثلاثة : بنت شعيب، وصاحب يوسف، في قوله :﴿ عَسَى أَن يَنفَعَنَا ﴾ ( يوسف : ٢١ ) وأبو بكر في عمر. روي أنه أنكحه صفراء. وقوله :﴿ هَاتَيْنِ ﴾ فيه دليل على أنه كانت له غيرهما ﴿ تَأْجُرَنِى ﴾ من أجرته إذا كنت له أجيراً، كقولك : أبوته إذا كنت له أبا، و ﴿ ثَمَانِىَ حِجَجٍ ﴾ ظرفه. أو من أجرته كذا، إذا أثبته إياه. ومنه : تعزية رسول الله ﷺ :
( ٨١٢ ) ( أجرَكم اللَّهُ ورحَمكم ). وثماني حجج : مفعول به، ومعناه : رعية ثماني حجج فإن قلت : كيف صح أن ينكحه إحدى ابنتيه من غير تمييز ؟ قلت : لم يكن ذلك عقداً للنكاح، ولكن مواعدة ومواصفة أمر قد عزم عليه، ولو كان عقداً لقال : قد أنكحتك ولم يقل : إني أريد أن أنكحك. فإن قلت : فكيف صح أن يمهرها إجارة نفسه في رعية الغنم، ولا بد من تسليم ما هو مال ؟ ألا ترى إلى أبي حنيفة كيف منع أن يتزوج امرأة بأن يخدمها سنة وجوّز أن يتزوجها بأن يخدمها عبده سنة، أو يسكنها داره سنة، لأنه في الأول : مسلم نفسه وليس بمال، وفي الثاني : هو مسلم مالاً وهو العبد أو الدار، قلت : الأمر على مذهب أبي حنيفة على ما ذكرت. وأما الشافعي : فقد جوّز التزوّج على