بوجوده. ويجوز أن يكون على ظاهره، وأنّ إلاهاً غيره غير معلوم عنده، ولكنه مظنون بدليل قوله :﴿ وَإِنّى لاظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾، وإذا ظنّ موسى عليه السلام كاذباً في إثباته إلهاً غيره ولم يعلمه كاذباً، فقد ظنّ أن في الوجود إلهاً غيره، ولو لم يكن المخذول ظاناً ظناً كاليقين، بل عالماً بصحة قول موسى عليه السلام لقول موسى له :﴿ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ * بَصَائِرَ ﴾ ( الإسراء : ١٠٢ ) لما تكلف ذلك البنيان العظيم، ولما تعب في بنائه ما تعب، لعله يطلع بزعمه إلى إله موسى عليه السلام، وإن كان جاهلاً مفرط الجهل به وبصفاته، حيث حسب أنه في مكان كما كان هو في مكان، وأنه يطلع إليه كما كان يطلع إليه إذا قعد في عليته، وأنه ملك السماء كما أنه ملك الأرض. ولا ترى بينة أثبت شهادة على إفراط جهله وغباوته وجهل ملئه وغباوتهم : من أنهم راموا نيل أسباب السموات بصرح يبنونه، وليت شعري ؛ أكان يلبس على أهل بلاده ويضحك من عقولهم، حيث صادفهم أغبى الناس وأخلاهم من الفطن وأشبههم بالبهائم بذلك ؟ أم كان في نفسه بتلك الصفة ؟ وإن صحّ ما حكى من رجوع النشابة إليه ملطوخة بالدم، فتهكم به بالفعل، كما جاء التهكم بالقول في غير موضع من كتاب الله بنظرائه من الكفرة. ويجوز أن يفسر الظن على القول الأوّل باليقين، كقوله :% ( فَقُلْتُ لَهُمْ ظُنُّوا بِأَلفِيْ مُدَجَّجِ ;