﴿ أَفَمَن وَعَدْنَاهُ ﴾ على معنى : أبعد هذا التفاوت الظاهر يسوّي بين أبناء الآخرة وأبناء الدنيا، فهذا معنى الفاء الأولى وبيان موقعها. وأمّا الثانية فللتسبيب : لأن لقاء الموعود مسبب عن الوعد الذي هو الضمان في الخير. وأمّا ( ثم ) فلتراخي حال الإحضار عن حال التمتيع، لا لتراخي وقته عن وقته. وقرىء :( ثم هو ) بسكون الهاء، كما قيل عضْد في عضُد. تشبيهاً للمنفصل بالمتصل، وسكون الهاء في : فهو : وهو، ولهو : أحسن ؛ لأنّ الحرف الواحد لا ينطق به وحده فهو كالمتصل.
! ٧ < ﴿ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآئِىَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ﴾ > ٧ { < القصص :( ٦٢ ) ويوم يناديهم فيقول..... > >
﴿شُرَكَائِىَ ﴾ مبني على زعمهم، وفيه تهكم، فإن قلت : زعم يطلب مفعولين، كقوله :% (.... وَلَمْ أَزْعُمْكِ عَنْ ذَاكَ مَعْزِلاَ ;
فأين هما ؟ قلت : محذوفان، تقديره : الذين كنتم تزعمونهم شركائي. ويجوز حذف المفعولين في باب ظننت، ولا يصح الاقتصار على أحدهما.
! ٧ < ﴿ قَالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنَا هَاؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنَآ أَغْوَيْنَاهُمْ كَمَا غَوَيْنَا تَبَرَّأْنَآ إِلَيْكَ مَا كَانُواْ إِيَّانَا يَعْبُدُونَ ﴾ > ٧ !
< < القصص :( ٦٣ ) قال الذين حق..... > > ﴿ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ ﴾ الشياطين أو أئمة الكفر ورؤوسه. ومعنى حق عليهم القول : وجب عليهم مقتضاه وثبت، وهو قوله :﴿ لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ ( هود : ١١٩ )، ( السجدة : ١٣ ) و ﴿ هَؤُلاء ﴾ مبتدأ، و ﴿ الَّذِينَ أَغْوَيْنَا ﴾ صفته، والراجع إلى الموصول محذوف، و ﴿ أَغْوَيْنَاهُمْ ﴾ الخبر، والكاف صفة مصدر محذوف، تقديره : أغويناهم، فغووا غيا مثل ما غوينا، يعنون : أنا لم نغو إلا باختيارنا، لا أن فوقنا مغوين أغرونا بقسر منهم وإلجاء. أو دعونا إلى الغيّ وسوّلوه لنا، فهؤلاء كذلك غووا باختيارهم ؛ لأن إغواءنا لهم لم يكن إلا وسوسة وتسويلاً لا قسراً وإلجاء، فلا فرق إذاً بين غينا وغيهم. وإن كان تسويلنا داعياً لهم إلى الكفر، فقد كان في مقابلته دعاء الله لهم إلى الإيمان بما وضع فيهم من أدلة العقل، وما بعث إليهم من الرسل وأنزل عليهم من الكتب المشحونة بالوعد والوعيد والمواعظ والزواجر، وناهيك بذلك صارفاً عن الكفر