مذهب أبي حنيفة ومحمد : أن العقود الفاسدة من عقود الربا وغيرها جائزة في دار الحرب بين المسلمين والكفار. وقد احتجا على صحة ذلك بما عقده أبو بكر بينه وبين أبيّ بن خلف ﴿ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ﴾ أي في أوّل الوقتين وفي آخرهما حين غلبوا وحين يغلبون، كأنه قيل : من قبل كونهم غالبين، وهو وقت كونهم مغلوبين. ومن بعد كونهم مغلوبين، وهو وقت كونهم غالبين، يعني أن كونهم مغلوبين أوّلاً وغالبين آخراً ليس إلا بأمر الله وقضائه ﴿ وَتِلْكَ الاْيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ﴾ ( آل عمران : ١٤٠ ) وقرىء :( من قبل ومن بعد ) على الجرّ من غير تقدير مضاف إليه واقتطاعه. كأنه قيل : قبلاً وبعداً، بمعنى أوّلاً وآخراً ﴿ وَيَوْمَئِذٍ ﴾ ويوم تغلب الروم على فارس ويحل ما وعده الله عزّ وجل من غلبتهم ﴿ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ وتغليبه من له كتاب على من لا كتاب له. وغيظ من شمت بهم من كفار مكة. وقيل : نصر الله : هو إظهار صدق المؤمنين فيما أخبروا به المشركين من غلبة الروم وقيل نصر الله أنه ولي بعض الظالمين بعضاً وفرق بين كلمهم، حتى تفانوا وتناقصوا، وفل هؤلاء شوكة هؤلاء وفي ذلك قوّة للإسلام. وعن أبي سعيد الخدري : وافق ذلك يوم بدر، وفي هذا اليوم نصر المؤمنين ﴿ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ ينصر عليكم تارة وينصركم أخرى.
! ٧ < ﴿ وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الاٌّ خِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ > ٧ !
< < الروم :( ٦ - ٧ ) وعد الله لا..... > > ﴿ وَعَدَ اللَّهُ ﴾ مصدر مؤكد، كقولك : لك عليّ ألف درهم عرفاً : لأنّ معناه : أعترف لك بها اعترافاً، ووعد الله ذلك وعداً ؛ لأنّ ما سبقه في معنى وعد. ذمّهم الله عزّ وجل بأنهم عقلاء في أمور الدنيا، بله في أمر الدين، وذلك أنهم كانوا أصحاب تجارات ومكاسب. وعن الحسن. بلغ من حذق أحدهم أنه يأخذ الدرهم فينقره بأصبعه، فيعلم أرديء أم جيد. وقوله :﴿ يَعْلَمُونَ ﴾ بدل من قوله :﴿ لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾ وفي هذا الإبدال

__________


الصفحة التالية
Icon