وقرىء :( وأقصد ) بقطع الهمزة، أي : سدّد في مشيك من أقصد الرامي إذا سدّد سهمه نحو الرمية ﴿ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ ﴾ وانقص منه واقصر ؛ من قولك : فلان يغض من فلان إذا قصر به ووضع منه ﴿ أَنكَرَ الاْصْواتِ ﴾ أوحشها، من قولك : شيء نكر، إذا أنكرته النفوس واستوحشت منه ونفرت. والحمار مثل في الذم البليغ والشتيمة، وكذلك نهاقه. ومن استفحاشهم لذكره مجرداً وتفاديهم من اسمه : أنهم يكنون عنه ويرغبون عن التصريح به، فيقولون : الطويل الأذنين، كما يكنى عن الأشياء المستقذرة : وقد عدّ في مساوىء الآداب : أن يجري ذكر الحمار في مجلس قوم من أولى المروءة. ومن العرب من لا يركب الحمار استنكافاً وإن بلغت منه الرجلة، فتشبيه الرافعين أصواتهم بالحمير، وتمثيل أصواتهم بالنهاق، ثم إخلاء الكلام من لفظ التشبيه وإخراجه مخرج الاستعار وإن جعلوا حميراً وصوتهم نهاقاً ومبالغة شديدة في الذم والتهجين وإفراط في التثبيط عن رفع الصوت والترغيب عنه. وتنبيه على أنه من كراهة الله بمكان. فإن قلت : لم وحد صوت الحمير ولم يجمع ؟ قلت : ليس المراد أن يذكر صوت كل واحد من آحاد هذا الجنس حتى يجمع، وإنما المراد أن كل جنس من الحيوان الناطق له صوت، وأنكر أصوات هذه الأجناس صوت هذا الجنس، فوجب توحيده.
! ٧ < ﴿ أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَّا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الاٌّ رْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِى اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ ﴾ > ٧ !
< < لقمان :( ٢٠ ) ألم تروا أن..... > > ﴿ مَا فِى السَّمَاواتِ ﴾ الشمس والقمر والنجوم والسحاب وغير ذلك ﴿ وَمَا فِى الاْرْضِ ﴾ البحار والأنهار والمعادن والدواب وما لا يحصى ﴿ وَأَسْبَغَ ﴾ وقرىء بالسين والصاد، وهكذا كل سين اجتمع معه الغين والخاء والقاف، تقول في سلخ، صلخ، وفي سقر : صقر، وفي سالغ صالغ وقرىء :( نعمه ). ( ونعمة )، ( ونعمته ). فإن قلت : ما النعمة ؟ قلت : كل نفع قصد به الأحسان، والله تعالى خلق العالم كله نعمة ؛ لأنه إما حيوان، وإما غير حيوان. فما ليس بحيوان نعمة على الحيوان، والحيوان نعمة من حيث أنّ إيجاده حياً نعمة عليه. لأنه لولا إيجاده حياً لما صح منه الانتفاع، وكل ما أدى إلى الانتفاع وصححه فهو نعمة. فإن قلت : لم كان خلق العالم مقصوداً به الإحسان ؟ قلت : لأنه لا يخلقه إلا لغرض، وإلا كان عبثاً، والعبث لا يجوز عليه ولا يجوز أن يكون لغرض راجع إليه من