وأما قولهم :﴿ افْتَرَاهُ ﴾ فإما قول متعنت مع علمه أنه من الله لظهور الإعجاز له، أو جاهل يقوله قبل التأميل والنظر لأنه سمع الناس يقولونه :﴿ مَّا أَتَاهُم مّن نَّذِيرٍ مّن قَبْلِكَ ﴾ كقوله :﴿ مَّا أُنذِرَ ءابَاؤُهُمْ ﴾ ( يس : ٦ ) وذلك أن أن قريشاً لم يبعث الله إليهم رسولاً قبل محمد ﷺ. فإن قلت : فإذا لم يأتهم نذير لم تقم عليهم حجة. قلت : أما قيام الحجة بالشرائع التي لا يدرك علمها إلا بالرسل فلا، وأما قيامها بمعرفة الله وتوحيده وحكمته فنعم ؛ لأن أدلة العقل الموصلة إلى ذلك معهم في كل زمان ﴿ لَّعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ فيه وجهان : أن يكون على الترجي من رسول الله ﷺ كما كان ﴿ لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ ﴾ ( طه : ٤٤ ) على الترجي من موسى وهرون عليهما السلام، وأن يستعار لفظ الترجي للإرادة.
! ٧ < ﴿ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاٌّ رْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ ﴾ > ٧ !
< < السجدة :( ٤ ) الله الذي خلق..... > > فإن قلت : ما معنى قوله :﴿ مَا لَكُمْ مّن دُونِهِ مِن وَلِيّ وَلاَ شَفِيعٍ ﴾ قلت : هو على معنيين، أحدهما : أنكم إذا جاوزتم رضاه لم تجدوا لأنفسكم ولياً، أي : ناصراً ينصركم ولا شفيعاً يشفع لكم. والثاني : أن الله وليكم الذي يتولى مصالحكم، وشفيعكم أي ناصركم على سبيل المجاز، لأن الشفيع ينصر المشفوع له. فهو كقوله تعالى :﴿ وَمَا لَكُم مّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾ ( البقرة : ١٠٧ ) فإذا خذلكم لم يبق لكم وليّ ولا نصير.
! ٧ < ﴿ يُدَبِّرُ الاٌّ مْرَ مِنَ السَّمَآءِ إِلَى الاٌّ رْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴾ > ٧ !
< < السجدة :( ٥ ) يدبر الأمر من..... > > ﴿الاْمْرُ ﴾ المأمور به من الطاعات والأعمال الصالحة ينزله مدبراً ﴿ مِنَ السَّمَاء إِلَى الاْرْضِ ﴾ ثم لا يعمل به ولا يصعد إليه ذلك المأمور به خالصاً كما يريده ويرتضيه إلا في مدة متطاولة ؛ لقلة عمال الله والخلص من عباده وقلة الأعمال الصاعدة، لأنه لا يوصف