ترى إلى ما لم يقصد به التعليم والتلقين من الأخبار كيف ذكره بنحو ما ذكره في النداء ﴿ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مّنْ أَنفُسِكُمْ ﴾ ( التوبة : ١٢٨ )، و ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يارَبّ * رَبّ ﴾ ( الفرقان : ٣٠ )، ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ ( الأحزاب : ٢١ )، ﴿ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ ﴾ ( التوب : ٦٢ )، ﴿ النَّبِىُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ ( الأحزاب : ٦ ). ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ﴾ ( الأحزاب : ٥٦ )، ﴿ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالْلهِ والنَّبِىّ ﴾ ( المائدة : ٨١ )، اتق الله : واظب على ما أنت عليه من التقوى، واثبت عليه، وازدد منه، وذلك لأن التقوى باب لا يبلغ آخره ﴿ وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ﴾ لا تساعدهم على شيء ولا تقبل لهم رأياً ولا مشورة، وجانبهم واحترس منهم، فإنهم أعداء الله وأعداء المؤمنين، لا يريدون إلا المضارّة والمضادّة. وروي :
( ٨٧١ ) أنّ النبي ﷺ لما هاجر إلى المدينة وكان يحب إسلام اليهود قريظة والنضير وبني قينقاع وقد بايعه أناس منهم على النفاق فكان يلين لهم جانبه ويكرم صغيرهم وكبيرهم. وإذا أتى منهم قبيح تجاوز عنه. وكان يسمع منهم فنزلت. وروي :
( ٨٧٢ ) أن أبا سفيان بن حرب وعكرمة بن أبي جهل وأبا الأعور السلمي قدموا عليه في الموادعة التي كانت بينه وبينهم، وقام معهم عبد الله بن أبيّ ومعتب بن قشير والجد بن قيس، فقالوا للنبيّ ﷺ : ارفض ذكر آلهتنا وقل إنها تشفع وتنفع وندعك وربك، فشق ذلك على رسول الله ﷺ وعلى المؤمنين وهموا بقتلهم، فنزلت : أي اتق الله في نقض العهد ونبذ الموادعة، ولا تطع الكافرين من أهل مكة والمنافقين من أهل المدينة فيما طلبوا إليك. وروي أنّ أهل مكة دعوا رسول الله ﷺ إلى أن يرجع عن دينه ويعطوه شطر أموالهم، وأن يزوّجه شيبة بن ربيعة بنته، وخوفه منافقو المدينة أنهم يقتلونه إن لم يرجع. فنزلت ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً ﴾ بالصواب من الخطإ، والمصلحة من المفسدة ﴿ حَكِيماً ﴾ لا يفعل شيئاً ولا يأمر به إلا بداعي الحكمة ﴿ وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ﴾ في ترك طاعة الكافرين والمنافقين وغير ذلك ﴿ إِنَّ اللَّهَ ﴾ الذي يوحي إليك خبير ﴿ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ فموح إليك ما يصلح به أعمالكم، فلا حاجة بكم إلى الاستماع من الكفرة. وقرىء :( يعملون ) بالياء، أي : بما يعمل المنافقون من كيدهم لكم ومكرهم بكم