يستشهدوا، وهم : عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، وحمزة، ومصعب بن عمير، وغيرهم، رضي الله عنهم :﴿ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ ﴾ يعني حمزة ومصعباً ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ ﴾ يعني عثمان وطلحة. وفي الحديث :
( ٨٧٧ ) ( من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة ) فإن قلت : ما قضاء النحب ؟ قلت : وقع عبارة عن الموت ؛ لأنّ كل حي لا بدّ له من أن يموت. فكأنه نذرٌ لازم في رقبته، فإذا مات فقد قضى نحبه، أي : نذره. وقوله :﴿ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَى نَحْبَهُ ﴾ يحتمل موته شهيداً، ويحتمل وفاءه بنذره من الثبات مع رسول الله ﷺ. فإن قلت : فما حقيقة قوله :﴿ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ ؟ قلت : يقال : صدقني أخوك وكذبني، إذا قال لك الصدق والكذب. وأمّا المثل : صدقني سنّ بكره. فمعناه : صدقني في سن بكره، بطرح الجار وإيصال الفعل، فلا يخلو ﴿ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ إما أن يكون بمنزلة السنّ في طرح الجار، وإمّا أن يجعل المعاهد عليه مصدوقاً على المجاز، كأنهم قالوا للمعاهد عليه : سنفي بك، وهم وافون به فقد صدقوه، ولو كانوا ناكثين لكذبوه ولكان مكذوباً ﴿ وَمَا بَدَّلُواْ ﴾ العهد ولا غيروه، لا المستشهد ولا من ينتظر الشهادة، ولقد
( ٨٧٨ ) ثبت طلحة مع رسول الله ﷺ يوم أُحد حتى أصيبت يده، فقال

__________


الصفحة التالية
Icon