يقال : أني الطعام إنىً، كقولك : قلاة قلىً. ومنه قوله :﴿ بَيْنَ * حَمِيمٍ ءانٍ ﴾ ( الرحمان : ٤٤ ) بالغ إناة. وقيل :( إناه ) : وقته، أي : غير ناظرين وقت الطعام وساعة أكله. وروي :
( ٩٠٣ ) أنّ رسول الله ﷺ أولم على زينب بتمر وسويق وشاة، وأمر أنساً أن يدعو بالناس، فترادفوا أفواجاً يأكل فوج فيخرج، ثم يدخل فوج إلى أن قال : يا رسول الله، دعوت حتى ما أجد أحداً أدعوه، فقال : ارفعوا طعامكم وتفرق الناس، وبقي ثلاثة نفر يتحدثون فأطالوا ؛ فقال رسول الله ﷺ ليخرجوا، فانطلق إلى حجرة عائشة رضي الله عنها فقال : السلام عليكم أهل البيت فقالوا : عليك السلام يا رسول الله، كيف وجدت أهلك ؟ وطاف في الحجرات فسلم عليهنّ ودعون له ؛ ورجع فإذا الثلاثة جلوس يتحدثون، وكان رسول الله ﷺ شديد الحياء، فتولى، فلما رأوه متولياً خرجوا، فرجع ونزلت :﴿ وَلاَ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ﴾ نهوا عن أن يطيلوا الجلوس يستأنس بعضهم ببعض لأجل حديث يحدثه به. أو عن أن يستأنسوا حديث أهل البيت، واستئناسه : تسمعه وتوجهه، وهو مجرور معطوف على ناظرين. وقيل : هو منصوب على : ولا تدخلوها مستأنسين. لا بدّ في قوله :﴿ فَيَسْتَحْيِى مِنكُمْ ﴾ من تقدير المضاف، أي : من إخراجكم، بدليل قوله :﴿ وَاللَّهُ لاَ يَسْتَحْىِ مِنَ الْحَقّ ﴾ يعني أن إخراجكم حتى ما ينبغي أن يستحيا منه، ولما كان الحياء مما يمنع الحي من بعض الأفعال، قيل :﴿ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِىّ ﴾ بمعنى لا يمتنع منه ولا يتركه ترك الحي منكم، وهذا أدبٌ أدّب الله به الثقلاء. وعن ابن أبي عن عائشة رضي الله عنها : حسبك في الثقلاء أنّ الله تعالى لم يحتملهم وقال : فإذا طعمتم فانتشروا. وقرىء :( لا يستحي ) بياء واحدة. الضمير في ﴿ سَأَلْتُمُوهُنَّ ﴾ لنساء النبي ﷺ، ولم يذكرن لأنّ الحال ناطقة بذكرهن ﴿ مَّتَاعًا ﴾ حاجة ﴿ فَاسْئَلُوهُنَّ ﴾ المتاع. قيل :
( ٩٠٤ ) إن عمر رضي الله عنه كان يحب ضرب الحجاب عليهن محبة شديدة،