المحسن لا بدّ له من ثواب، والمسيء لا بدّ له من عقاب. وقوله :﴿ لِيَجْزِىَ ﴾ متصل بقوله ﴿ لَتَأْتِيَنَّكُمْ ﴾ تعليلاً له. قرىء :( لتأتينكم ) بالتاء والياء. ووجه من قرأ بالياء : أن يكون ضميره للساعة بمعنى اليوم. أو يسند عالم الغيب، أي ليأتينكم أمره كما قال تعالى :﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلا أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِىَ رَبُّكَ ﴾ ( الأنعام : ١٥٨ ) وقال :﴿ أَوْ يَأْتِىَ أَمْرُ رَبّكَ ﴾ ( النحل : ٣٣ ). وقرىء :( عالم الغيب ) و ( علام الغيب ) : بالجرّ، صفة لربي. وعالم الغيب، وعالم الغيوب : بالرفع، على المدح. ولا يعزب : بالضم والكسر في الزاي، من العزوب وهو البعد. يقال : روض غزيب : بعيد من الناس ﴿ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾ مقدار أصغر نملة ﴿ ذالِكَ ﴾ إشارة إلى مثقال ذرّة. وقرىء :( ولا أصغر من ذلك ولا أكبر ). بالرفع على أصل الابتداء. وبالفتح على نفي الجنس، كقولك : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله، بالرفع والنصب. وهو كلام منقطع عما قبله. فإن قلت : هل يصحّ عطف المرفوع على مثقال ذرّة، كأنه قيل : لا يعزب عنه مثقال ذرة وأصغر وأكبر وزيادة، لا لتأكيد النفي. وعطف المفتوح على ذرّة بأنه فتح في موضع الجرّ لامتناع الصرف، كأنه قيل : لا يعزب عنه مثقال ذرّة ولا مثقال أصغر من ذلك ولا أكبر ؟ قلت : يأبى ذلك حرف الاستثناء، إلاّ إذا جعلت الضمير في ﴿ عَنْهُ ﴾ للغيب. وجعلت ﴿ الْغَيْبَ ﴾ اسماً للخفيات. قبل أن تكتب في اللوح لأنّ إثباتها في اللوح من البروز عن الحجاب، على معنى أنه لا ينفصل عن الغيب شيء، ولا يزل عنه إلاّ مسطوراً في اللوح.
! ٧ < ﴿ وَالَّذِينَ سَعَوْا فِىءَايَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَائِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٥ ) والذين سعوا في..... > > وقرىء :( معجزين ). وأليم، وبالرفع والجر. وعن قتادة : الرجز : سوء العذاب.
! ٧ < ﴿ وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِى إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٦ ) ويرى الذين أوتوا..... > > وقرىء :( معجزين ). وأليم : بالرفع والجرّ، وعن قتادة : الرجز : سوء العذاب. ويرى في موضع الرفع، أي : ويعلم أولو العلم، يعني أصحاب رسول الله ﷺ ومن يطأ أعقابهم من أمّته. أو علماء أهل الكتاب الذين أسلموا مثل كعب والأحبار وعبد الله ابن سلام رضي الله عنهما. ﴿ الَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ * الْحَقّ ﴾ هما مفعولان ليرى، وهو فصل من قرأ ( الحق ) بالرفع : جعله مبتدأ و ﴿ الْحَقّ ﴾ خبراً، والجملة في موضع المفعول الثاني. وقيل :﴿ يَرَى ﴾ في موضع النصب معطوف على ﴿ لِيَجْزِىَ ﴾ أي : وليعلم أولو العلم عند مجيء الساعة أنه الحق. علماً لا يزاد عليه في الإيقان، ويحتجوا به على الذين كذبوا وتولوا. ويجوز أن يريد : وليعلم من لم يؤمن من الأحبار أنه الحق فيزدادوا