للمفعول، على أنّ المتبين في المعنى هو ﴿ أَن ﴾ مع ما في صلتها، لأنه بدل. وفي قراءة أبيّ : تبينت الإنس. وعن الضحاك : تباينت الأنس بمعنى تعارفت وتعالمت. والضمير في ﴿ كَانُواْ ﴾ للجن في قوله :﴿ وَمِنَ الْجِنّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ أي علمت الإنس أن لو كان الجن يصدقون فيما يوهمونهم من علمهم الغيب ؛ ما لبثوا. وفي قراءة ابن مسعود رضي الله عنه :( تبينت الإنس أنّ الجنّ لو كانوا يعلمون الغيب ). روي أنه كان من عادة سليمان عليه السلام أن يعتكف في مسجد بيت المقدس المدد الطوال، فلما دنا أجله لم يصبح إلا رأى في محرابه شجرة نابتة قد أنطقها الله، فيسألها : لأي شيء أنت ؟ فتقول لكذا، حتى أصبح ذات يوم فرأى الخروبة، فسألها، فقالت : نبت لخراب هذا المسجد : فقال : ما كان الله ليخربه وأنا حيّ، أنت التي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس، فنزعها وغرسها في حائط له وقال : اللَّهم عم عن الجن موتي، حتى يعلم الناس أنهم لا يعلمون الغيب. لأنهم كانوا يسترقون السمع ويموّهون على الإنس أنهم يعلمون الغيب، وقال لملك الموت : إذا أمرت بي فأعلمني، فقال : أمرت بك وقد بقيت من عمرك ساعة ؛ فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحاً من قوارير ليس له باب، فقام يصلي متكئاً على عصاه، فقبض روحه وهو متكىء عليها ؛ وكانت الشياطين تجتمع حول محرابه أينما صلّى، فلم يكن شيطان ينظر إليه في صلاته إلاّ احترق فمرّ به شيطان فلم يسمع صوته، ثم رجع فلم يسمع، فنظر فإذا سليمان قد خرّ ميتاً، ففتحوا عنه فإذا العصا قد أكلتها الأرضة، فأرادوا أن يعرفوا وقت موته، فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت منها في يوم وليلة مقداراً، فحسبوا على ذلك النحو فوجدوه قد مات منذ سنة، وكانوا يعملون بين يديه ويحسبونه حياً، فأيقن الناس أنهم لو علموا الغيب لما لبثوا في العذاب سنة، وروي أنّ داود عليه السلام أسس بناء بيت المقدس في موضع فسطاط موسى عليه السلام، فمات قبل أن يتمه، فوصى به إلى سليمان، فأمر الشياطين بإتمامه، فلما بقي من عمره سنة سأل أن يعمى عليهم موته حتى يفرغوا منه، ليبطل دعواهم علم الغيب. روي أن أفريدون جاء ليصعد كرسيه، فلما دنا ضرب الأسدان ساقه فكسراها ؛ فلم يجسر أحد بعدُ أن يدنوا منه، وكان عمر سليمان ثلاثاً وخمسين سنة : ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة، فبقي في ملكه أربعين سنة، وابتدأ بناء بيت المقدس لأربع مضين من ملكه.
! ٧ < ﴿ لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِى مَسْكَنِهِمْ ءَايَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُواْ مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُواْ لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ * فَأَعْرَضُواْ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّاتِهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَىْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَىْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ * ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُواْ وَهَلْ نُجْزِى إِلاَّ الْكَفُورَ ﴾ > ٧ { < سبأ :( ١٥ ) لقد كان لسبإ..... > >

__________


الصفحة التالية
Icon