! ٧ < ﴿ وَمَآ ءَاتَيْنَاهُمْ مِّنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَآ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِّن نَّذِيرٍ * وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ وَمَا بَلَغُواْ مِعْشَارَ مَآ ءَاتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُواْ رُسُلِى فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٤٤ ) وما آتيناهم من..... > > وما آتيناهم كتباً يدرسونها فيها برهان على صحة الشرك، ولا أرسلنا إليهم نذيراً ينذرهم بالعقاب إن لم يشركوا، كما قال عزّ وجلّ :﴿ أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ ﴾ ( الروم : ٣٥ ) أو وصفهم بأنهم قوم أمّيون أهل جاهلية لا ملة لهم وليس لهم عهد بإنزال كتاب ولا بعثه رسول كما قال :﴿ أَمْ ءاتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ ﴾ ( الزخرف : ٢١ ) فليس لتكذيبهم وجه متشبث، ولا شبهة متعلق، كما يقول أهل الكتاب وإن كانوا مبطلين : نحن أهل كتب وشرائع، ومستندون إلى رسل ومن رسل الله. ثم توعدهم على تكذيبهم بقوله :﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ ﴾ تقدّموهم من الأمم والقرون الخالية كما كذبوا، وما بلغ هؤلاء بعض ما آتينا أولئك من طول الأعمار وقوّة الأجرام وكثرة الأموال، فحين كذبوا رسلهم جاءهم إنكاري بالتدمير والاستئصال، ولم يغن عنهم استظهارهم بما هم به مستظهرون، فما بال هؤلاء ؟ وقرىء :( يدرّسونها ) من التدريس وهو تكرير الدرس. أو من درّس الكتاب، ودرّس الكتب : ويدرّسونها، بتشديد الدال، يفتعلون من الدرس. والمعشار كالمرباع، وهما : العشر. والرابع. فإن قلت : فما معنى ﴿ فَكَذَّبُواْ رُسُلِى ﴾ وهو مستغنى عنه بقوله :﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ ﴾ ؟ قلت : لما كان معنى ﴿ وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبلِهِمْ ﴾ : وفعل الذين من قبلهم التكذيب، وأقدموا عليه : جعل تكذيب الرسل مسبباً عنه ونظيره أن يقول القائل : أقدم فلان على الكفر فكفر بمحمد ﷺ، ويجوز أن ينعطف على قوله : وما بلغوا، كقولك : ما بلغ زيد معشار فضل عمرو فتفضل عليه ﴿ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ ﴾ أي للمكذبين الأوّلين، فليحذروا من مثله.
! ٧ < ﴿ قُلْ إِنَّمَآ أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَن تَقُومُواْ لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِكُمْ مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ لَّكُمْ بَيْنَ يَدَىْ عَذَابٍ شَدِيدٍ ﴾ > ٧ !
< < سبأ :( ٤٦ ) قل إنما أعظكم..... > > ﴿ بِواحِدَةٍ ﴾ بخصلة واحدة، وقد فسرها بقوله :﴿ أَن تَقُومُواْ ﴾ على أنه عطف بيان بها، وأراد بقيامهم : إما القيام على مجلس رسول الله ﷺ وتفرّقهم عن مجتمعهم عنده وإما القيام الذي لا يراد به المثول على القدمين، ولكن الانتصاب في الأمر والنهوض فيه بالهمة والمعنى : إنما أعظكم بواحدة إن فعلتموها أصبتم الحق وتخلصتم، وهي : أن تقوموا لوجه الله خالصاً. متفرّقين اثنين اثنين، وواحداً واحداً ﴿ ثُمَّ تَتَفَكَّرُواْ ﴾ في أمر محمد ﷺ وما جاء به. أمّا الاثنان : فيتفكران ويعرض كلّ واحد منهما محصول فكره على صاحبه وينظران فيه متصادقين متناصفين، لا يميل بهما اتباع هوى ولا ينبض لهما

__________


الصفحة التالية
Icon