يعني : إنما تقدر على إنذار هؤلاء وتحذيرهم من قومك، وعلى تحصيل منفعة الإنذار فيهم دون متمرّديهم وأهل عنادهم ﴿ وَمَن تَزَكَّى ﴾ ومن تطهر بفعل الطاعات وترك المعاصي. وقرىء :( من أزكى فإنما يزكي )، وهو اعتراض مؤكد لخشيتهم وإقامتهم الصلاة، لأنهما من جملة التزكي ﴿ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ وعد للمتزكين بالثواب. فإن قلت : كيف اتصل قوله :﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ ﴾ بما قبله ؟ قلت : لما غضب عليهم في قوله :﴿ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ﴾ أتبعه الإنذار بيوم القيامة وذكر أهوالها، ثم قال : إنما تنذر كأن رسول الله ﷺ أسمعهم ذلك، فلم ينفع، فنزل :﴿ إِنَّمَا تُنذِرُ ﴾ أو أخبره الله تعالى بعلمه فيهم.
! ٧ < ﴿ وَمَا يَسْتَوِى الاٌّ عْمَى وَالْبَصِيرُ * وَلاَ الظُّلُمَاتُ وَلاَ النُّورُ * وَلاَ الظِّلُّ وَلاَ الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِى الاٌّ حْيَآءُ وَلاَ الاٌّ مْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَآءُ وَمَآ أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ * إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ ﴾ > ٧ !
< < فاطر :( ١٩ - ٢٣ ) وما يستوي الأعمى..... > > ﴿ الاْعْمَى وَالْبَصِيرُ ﴾ مثل للكافر والمؤمن، كما ضرب البحرين مثلاً لهما أو للصنم والله عزّ وجلّ، والظلمات والنور والظل والحرور : مثلان للحق والباطل، وما يؤدّيان إليه من الثواب والعقاب. والأحياء والأموات : مثل للذين دخلوا في الإسلام والذين لم يدخلوا فيه، وأصروا على الكفر والحرور : السموم ؛ إلاّ أنّ السموم يكون بالنهار، والحرور بالليل والنهار. وقيل : بالليل خاصة. فإن قلت : لا المقرونة بواو العطف ما هي ؟ قلت : إذا وقعت الواو في النفي قرنت بها لتأكيد معنى النفي. فإن قلت : هل من فرق بين هذه الواوات ؟ قلت : بعضها ضمت شفعاً إلى شفع، وبعضها وتراً إلى وتر ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء ﴾ يعني أنه قد علم من يدخل في الإسلام ممن لا يدخل فيه، فيهدي الذي قد علم أنّ الهداية تنفع فيه، ويخذل من علم أنها لا تنفع فيه. وأمّا أنت فخفي عليك أمرهم، فلذلك تحرص وتتهالك على إسلام قوم من المخذولين. ومثلك في ذلك مثل من لا يريد أن يسمع المقبورين وينذر، وذلك ما لا سبيل إليه، ثم قال :﴿ إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ ﴾ أي ما عليك إلاّ أن تبلغ وتنذر، فإن كان المنذر ممن يسمع الإنذار نفع، وإن كان من المصرين فلا عليك. ويحتمل أنّ الله يسمع من يشاء وأنه قادر على أن يهدي المطبوع على قلوبهم على وجه القسر والإلجاء، وغيرهم على وجه الهداية والتوفيق، وأما أنت فلا حيلة لك في المطبوع على قلوبهم الذين هم بمنزلة الموتى.
! ٧ < ﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ ﴾ > ٧ !
< < فاطر :( ٢٤ ) إنا أرسلناك بالحق..... > > ﴿ بِالْحَقّ ﴾ حال من أحد الضميرين، يعني : محقاً أو محقين، أو صفة للمصدر، أي : إرسالاً مصحوباً بالحق. أو صلة لبشير ونذير على : بشيراً بالوعد الحق، ونذيراً

__________


الصفحة التالية
Icon