له العجل من الحليّ حتى صار فتنة لبني إسرائيل وضلالاً ؟ قلت : ليس بأوّل محنة محن الله بها عباده ليثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين. ومن عجب من خلق العجل، فليكن من خلق إبليس أعجب. والمراد بقوله :﴿ إِنَّا قَدْ * فَتَنَّا قَوْمَكَ ﴾ هو خلق العجل للامتحان، أي : امتحناهم بخلق العجل وحملهم السامري على الضلال، وأوقعهم فيه حين قال لهم :﴿ هَاذَا إِلَاهُكُمْ وَإِلَاهُ مُوسَى فَنَسِىَ ﴾ أي : فنسى موسى أن يطلبه ههنا، وذهب يطلبه عند الطور. أو فنسي السامري : أي ترك ما كان عليه من الإيمان الظاهر.
! ٧ < ﴿ أَفَلاَ يَرَوْنَ أَلاَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلاَ يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً * وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ ياقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَانُ فَاتَّبِعُونِى وَأَطِيعُواْ أَمْرِى * قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى ﴾ > ٧ !
< < طه :( ٨٩ ) أفلا يرون ألا..... > > ﴿يُرْجَعُ ﴾ من رفعه فعلى أنّ أن مخففة من الثقيلة ومن نصب فعلى أنها الناصبة للأفعال ﴿ مِن قَبْلُ ﴾ من قبل أن يقول لهم السامري ما قال، كأنهم أوّل ما وقعت عليه أبصارهم حين طلع من الحفرة افتتنوا به واستحسنوه، فقبل أن ينطق السامري بادرهم هارون عليه السلام بقوله :﴿ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَانُ ﴾.
! ٧ < ﴿ قَالَ ياهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّواْ * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى ﴾ > ٧ !
< < طه :( ٩٢ ) قال يا هارون..... > > لا مزيدة. والمعنى ما منعك أن تتبعني في الغضب لله وشدة الزجر عن الكفر والمعاصي ؟ وهلا قاتلت من كفر بمن آمن ؟ ومالك لم تباشر الأمر كما كنت أباشره أنا لو كنت شاهداً ؟ أو مالك لم تلحقني.
! ٧ < ﴿ قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِى وَلاَ بِرَأْسِى إِنِّى خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِى إِسْرءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِى ﴾ > ٧ !
< < طه :( ٩٤ ) قال يا ابن..... > > قرىء :﴿ بِلِحْيَتِى ﴾ بفتح اللام وهي لغة أهل الحجاز، كان موسى صلوات الله عليه رجلاً حديداً مجبولاً على الحدة والخشونة والتصلب في كل شيء، شديد الغضب لله ولدينه، فلم يتمالك حين رأى قومه يعبدون عجلاً من دون الله بعد ما رأوا من الآيات العظام، أن ألقى ألواح التوارة لما غلب ذهنه من الدهشة العظيمة، غضبا لله واستنكافاً وحمية، وعنف بأخيه وخليفته على قومه، فأقبل عليه إقبال العدوّ المكاشف قابضاً على شعر رأسه وكان أفرع وعلى شعر وجهه يجرّه إليه. أي : لو قاتلت بعضهم ببعض

__________


الصفحة التالية
Icon