عنهما وتركت هذه البقايا في أطراف الأصابع، عن ابن عباس : لا شبهة في أنّ آدم لم يمتثل ما رسم الله له، وتخطى فيه ساحة الطاعة، وذلك هو العصيان. ولما عصى خرج فعله من أن يكون رشداً وخيراً، فكان غيا لا محالة ؛ لأنّ الغي خلاف الرشد، ولكن قوله :﴿ وَعَصَى * ءادَمَ * رَبَّهُ فَغَوَى ﴾ بهذا الإطلاق وبهذا التصريح، وحيث لم يقل : وزل آدم وأخطأ وما أشبه ذلك، مما يعبر به عن الزلات والفرطات : فيه لطف بالمكلفين ومزجرة بليغة وموعظة كافة، وكأنه قيل لهم : انظروا واعتبروا كيف نعيت على النبي المعصوم حبيب الله الذي لا يجوز عليه إلا اقتراف الصغيرة غير المنفرة زلته بهذه الغلطة بهذا اللفظ الشنيع، فلا تتهاونوا بما يفرط منكم من السيآت والصغائر، فضلاً أن تجسروا على التورّط في الكبائر. وعن بعضهم ( فغوى ) فبشم من كثرة الأكل، وهذا وإن صح على لغة من يقلب الياء المكسور ما قبلها ألفاً فيقول في ( فني، وبقي ) :( فنا، وبقا ) وهم بنوطي تفسير خبيث.
! ٧ < ﴿ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى ﴾ > ٧ !
< < طه :( ١٢٢ ) ثم اجتباه ربه..... > > فإن قلت : ما معنى ﴿ ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ ﴾ قلت : ثم قبله بعد التوبة وقرّبه إليه، من جبى إليّ كذا فاجتبيته. ونظيره : جليت عليّ العروس فاجتليتها. ومنه قوله عز وجل ﴿ وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِئَايَةٍ قَالُواْ لَوْلاَ اجْتَبَيْتَهَا ﴾ أي هلا جبيت إليك فاجتبيتها. وأصل الكلمة الجمع. ويقولون : اجتبت الفرس نفسها إذا اجتمعت نفسها راجعة بعد النفار. و ﴿ هُدًى ﴾ أي وفقه لحفظ التوبة وغيره. من أسباب العصمة والتقوى.
! ٧ < ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّى هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى ﴾ > ٧ !
< < طه :( ١٢٣ ) قال اهبطا منها..... > > لما كان آدم وحواء عليهما السلام أصلى البشر، والسببين اللذين منها نشؤا وتفرعوا : جعلا كأنهما البشر في أنفسهما، فخوطبا مخاطبتهم، فقيل :﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم ﴾ على لفظ الجماعة. ونظيره إسنادهم الفعل إلى السبب، وهو في الحقيقة للمسبب ﴿ هُدًى ﴾ كتاب وشريعة. وعن ابن عباس : ضمن الله لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم تلا قوله :﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى ﴾ والمعنى أن الشقاء في الآخرة هو عقاب من ضلّ في الدنيا عن طريق الدين فمن اتبع كتاب الله

__________


الصفحة التالية
Icon