وقيل : لو قطرت منه قطره في المشرق لنتنت أهل المغرب، ولو قطرت منه قطرة في المغرب لنتنت أهل المشرق. وعن الحسن رضي الله عنه. الغساق : عذاب لا يعلمه إلا الله تعالى إن الناس أخفقوا لله طاعة فأخفى لهم ثواباً في قوله :﴿ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ ( السجدة : ١٧ ) وأخفوا معصية فأخفى لهم عقوبة ﴿ وَءَاخَرُ ﴾ ومذوقات أخر من شكل هذا المذوق من مثله في الشدة والفظاعة ﴿ أَزْواجٌ ﴾ أجناس. وقرىء :( وآخر ) أي : وعذاب آخر. أو مذوق آخر. وأزواج : صفة لآخر، لأنه يجوز أن يكون ضروباً، أو صفة للثلاثة وهي حميم وغساق وآخر من شكله. وقرىء :( من شكله ) بالكسر وهي لغة. وأما الغنج فالبكسر لا غير ﴿ هَاذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ ﴾ هذا جمع كثيف قد اقتحم معكم النار، أي : دخل النار في صحبتكم وقرانكم، والاقتحام : ركوب الشدة والدخول فيها. والقحمة : الشدة. وهذه حكاية كلام الطاغين بعضهم مع بعض، أي : يقولون هذا. والمراد بالفوج : أتباعهم الذين اقتحموا معهم الضلالة، فيقتحمون معهم العذاب ﴿ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ ﴾ دعاء منهم على أتباعهم. تقول لم تدعو له : مرحباً، أي : أتيت رحباً من البلاد لا ضيقاً : أو رحبت بلادك رحباً، ثم تدخل عليه ( لا ) في دعاء السوء. و ﴿ بِهِمْ ﴾ بيان للمدعو عليهم ﴿ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ ﴾ تعليل لاستيجابهم للدعاء عليهم. ونحوه قوله تعالى :﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾ ( الأعراف : ٣٨ ) وقيل : هذا فوج مقتحم معكم : كلام الخزنة لرؤساء الكفرة في أتباعهم. و ﴿ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ ﴾ كلام الرؤوساء. وقيل : هذا كله كلام الخزنة ﴿ قَالُواْ ﴾ أي الأتباع ﴿ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ ﴾ يريدون الدعاء الذي دعوتم به علينا أنتم أحقّ به، وعللوا ذلك بقولهم :﴿ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا ﴾ والضمير للعذاب أو لصلبهم. فإن قلت : ما معنى تقديمهم العذاب لهم ؟ قلت : المقدم هو عمل السوء. قال الله تعالى :﴿ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذالِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾ ( الأنفال : ٥١ ) ولكن الرؤوساء لما كانوا السبب فيه بإغوائهم وكان العذاب جزاءهم عليه، قيل : أنتم قدمتموه لنا، فجعل الرؤوساء هم المقدمين وجعل الجزاء هو المقدّم، فجمع بين مجازين ؛ لأن العاملين هم المقدمون في الحقيقة لا رؤوساؤهم، والعمل هو المقدم لا جزاؤه. فإن قلت : فالذي جعل قوله :﴿ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ ﴾ من كلام الخزنة ما يصنع بقوله :