( النساء : ١٤٦ ) حتى يطابق قوله :﴿ أَلاَ لِلَّهِ الدّينُ الْخَالِصُ ﴾ ( الزمر : ٣ ) والخالص والمخلص : واحد، إلاّ أن يصف الدين بصفة صاحبه على الإسناد المجازي. كقولهم : شعر شاعر، وأما من جعل ﴿ مُخْلِصاً ﴾ حالاً من العابد، و ﴿ لَّهُ الدّينِ ﴾ مبتدأ وخبراً، فقد جاء بإعراب رجع به الكلام إلى قولك : لله الدين ﴿ أَلاَ لِلَّهِ الدّينُ الْخَالِصُ ﴾ ( الزمر : ٣ )، ( الشورى : ٦ ) أي : هو الذي وجب اختصاصه بأن يخلص له الطاعة من كل شائبة كدر، لاطلاعه على الغيوب والأسرار، ولأنه الحقيق بذلك، لخلوص نعمته عن استجرار المنفعة بها. وعن قتادة : الدين الخالص شهادة أن لا إلاه إلا الله. وعن الحسن : الإسلام ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ ﴾ يحتمل المتخذين وهم الكفرة، والمتخذين، وهم الملائكة وعيسى واللات والعزّى : عن ابن عباس رضي الله عنهما، فالضمير في ﴿ اتَّخَذُواْ ﴾ على الأوّل راجع إلى الذين، وعلى الثاني إلى المشركين، ولم يجر ذكرهم لكونه مفهوماً، والراجع إلى الذين محذوف والمعنى : والذين اتخذهم المشركون أولياء، ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُواْ ﴾ في موضع الرفع على الابتداء. فإن قلت : فالخبر ما هو ؟ قلت : هو على الأوّل إما ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ﴾ أو ما أضمر من القول قبل قوله :﴿ مَا نَعْبُدُهُمْ ﴾. وعلى الثاني : أن الله يحكم بينهم. فإن قلت : فإذا كان ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ﴾ الخبر، فما موضع القول المضمر ؟ قلت : يجوز أن يكون في موضع الحال، أي : قائلين ذلك. ويجوز أن يكون بدلاً من الصلة فلا يكون له محلّ، كما أنّ المبدل منه كذلك. وقرأ ابن مسعود بإظهار القول :( قالوا ما نعبدهم ) وفي قراءة أبيّ : ما نعبدكم إلا لتقربونا على الخطاب، حكاية لما خاطبوا به آلهتهم. وقرىء :( نعبدهم ) بضم النون اتباعاً للعين كما تتبعها الهمزة في الأمر، والتنوين في ﴿ عَذَابِ * ارْكُضْ ﴾ والضمير في ﴿ بَيْنَهُمْ ﴾ لهم ولأوليائهم. والمعنى : أن الله يحكم بينهم بأنه يدخل الملائكة وعيسى الجنة، ويدخلهم النار مع الحجارة التي نحتوها وعبدوها من دون الله يعذبهم بها حيث يجعلهم وإياها حصب جهنم. واختلافهم : أن الذين يعبدون موحدون وهم مشركون، وأولئك يعادونهم ويلعنونهم، وهم يرجون شفاعتهم وتقريبهم إلى الله زلفى. وقيل : كان المسلمون إذا قالوا لهم : من خلق السماوات والأرض، أقرّوا وقالوا : الله، فإذا قالوا لهم : فما لكم تعبدون الأصنام ؟ قالوا : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ؛ فالضمير في ﴿ بَيْنَهُمْ ﴾ عائد إليهم وإلى المسلمين. والمعنى : أن الله يحكم يوم القيامة بين المتنازعين من الفريقين، والمراد بمنع الهداية : منع

__________


الصفحة التالية
Icon