حتى يخشوا تلك الخشية ويرجوا ذلك الرجاء، كما قال : هدى للمتقين ﴿ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ ﴾ ومن يخذله من الفساق والفجرة ﴿ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ أو ذلك الكائن من الخشية والرجاء هدي الله، أي : أثر هداه وهو لطفه، فسماه هدي لأنه حاصل بالهدي، ﴿ يَهْدِى بِهِ ﴾ بهذا الأثر من يشاء من عباده، يعني : من صحب أولئك ورآهم خاشين راجين، فكان ذلك مرغباً لهم في الاقتداء بسيرتهم وسلوك طريقتهم ﴿ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ ﴾ : ومن لم يؤثر فيه ألطافه لقسوة قلبه وإصراره على فجوره، ﴿ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ من مؤثر فيه بشىء قط.
! ٧ < ﴿ أَفَمَن يَتَّقِى بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّلِمِينَ ذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ * كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ * فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْىَ فِى الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الاٌّ خِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ ﴾ > ٧ !
< < الزمر :( ٢٤ ) أفمن يتقي بوجهه..... > > يقال : اتقاه بدرقته : استقبله بها فوقي بها نفسه إياه واتقاه بيده. وتقديره :﴿ أَفَمَن يَتَّقِى بِوَجْهِهِ سُوء الْعَذَابِ ﴾ كمن أمن العذاب، فحذف كما حذف في نظائره و ﴿ سُوء الْعَذَابِ ﴾ : شدّته. ومعناه : أن الإنسان إذا لقي مخوفاً من المخاوف استقبله بيده، وطلب أن يقي بها وجهه، لأنه أعزّ أعضائه عليه والذي يلقى في النار يلقى : مغلولة يداه إلى عنقه، فلا يتهيأ له أن يتقي النار إلاّ بوجهه الذي كان يتقي المخاوف بغيره، وقاية له ومحاماة عليه. وقيل : المراد بالوجه الجملة، وقيل : نزلت في أبي جهل. وقال لهم خزنة النار ﴿ ذُوقُواْ ﴾ وبال ﴿ مَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ * مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾ من الجهة التي لا يحتسبون، ولا يخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها، بينا هم آمنون رافهون إذ فوجئوا من مأمنهم. والخزي : الذلّ والصغار، كالمسح والخسف والقتل والجلاء، وما أشبه ذلك من نكال الله.
! ٧ < ﴿ وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِى هَاذَا الْقُرْءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرْءَاناً عَرَبِيّاً غَيْرَ ذِى عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ > ٧ !
< < الزمر :( ٢٧ ) ولقد ضربنا للناس..... > > ﴿قُرْءاناً عَرَبِيّاً ﴾ حال مؤكدة كقولك : جاءني زيد رجلاً صالحاً وإنساناً عاقلاً، ويجوز أن ينتصب على المدح ﴿ غَيْرَ ذِى عِوَجٍ ﴾ مستقيماً بريئاً من التناقض والاختلاف.

__________


الصفحة التالية
Icon