( ٩٦٧ ) لقد عشنا برهة من دهرنا ونحن نرى أنّ هذه الآية أنزلت فينا وفي أهل الكتاب ؟ قلنا : كيف تختصم ونبينا واحد وديننا واحد وكتابنا واحد ؟ حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف، فعرفت أنها أنزلت فينا. وقال أبو سعيد الخدري : كنا نقول : ربنا واحد ونبينا واحد وديننا واحد، فما هذه الخصومة ؟ فلما كان يوم صفّين وشدّ بعضنا على بعض بالسيوف، قلنا : نعم هو هذا. وعن إبراهيم النخعي قالت الصحابة : ما خصومتنا وتحن إخوان ؟ فلما قتل عثمان رضي الله عنه قالوا : هذه خصومتنا. وعن أبي العالية : نزلت في أهل القبلة. والوجه الذي يدلّ عليه كلام الله هو ما قدمت أولاً. ألا ترى إلى قوله تعالى :﴿ مِنْ * أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ علَى اللَّهِ ﴾ وقوله تعالى :﴿ وَالَّذِى جَاء بِالصّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ﴾ ( الزمر : ٣٣ ) وما هو إلا بيان وتفسير للذين يكون بينهم الخصومة ﴿ كَذَبَ علَى اللَّهِ ﴾ افترى عليه بإضافة الولد والشريك إليه ﴿ وَكَذَّبَ بِالصّدْقِ ﴾ بالأمر الذي هو الصدق بعينه، وهو ماء جاء به محمد ﷺ ﴿ إِذْ جَاءهُ ﴾ فاجأه بالتكذيب لما سمع به من غير وقفة، لإعمال روية واهتمام بتمييز بين حق وباطل، كما يفعل أهل النصفة فيما يسمعون ﴿ مَثْوًى لّلْكَافِرِينَ ﴾ أي : لهؤلاء الذين كذبوا على الله وكذبوا بالصدق، واللام في ﴿ لِلْكَافِرِينَ ﴾ إشارة إليهم.
! ٧ < ﴿ وَالَّذِى جَآءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُم مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَآءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِى عَمِلُواْ وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِى كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾ > ٧ !
< < الزمر :( ٣٣ - ٣٥ ) والذي جاء بالصدق..... > > ﴿ وَالَّذِى جَاء بِالصّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ ﴾ هو رسول الله ﷺ : جاء بالصدق وآمن به، وأراد به إياه ومن تبعه، كما أراد بموسى إياه وقومه في قوله :﴿ وَلَقَدْ ءاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ ﴾ ( المؤمنون : ٤٩ ) فلذلك قال :﴿ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ إلا أنّ هذا في الصفة وذاك في الاسم. ويجوز أن يريد : والفوج أو الفريق الذي جاء بالصدق وصدق به، وهم الرسول الذي جاءنا بالصدق، وصحابته الذي صدقوا به. وفي قراءة ابن مسعود :( والذين جاؤوا بالصدق وصدقوا به ) وقرىء :( وصدق به ) بالتخفيف، أي : صدق به الناس ولم يكذبهم به، يعني : أداه إليهم كما نزل عليه من غير تحريف. وقيل : صار صادقاً به،

__________


الصفحة التالية
Icon