علمت منهم التوبة واتباع سبيلك. وسبيل الله : سبيل الحق التي نهجها لعباده ودعا إليها ﴿ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾ أي : الملك الذي لا يغلب : وأنت مع ملكك وعزتك لا تفعل شيئاً إلاّ بداعي الحكمة وموجب حكمتك أن تفي بوعدك ﴿ وَقِهِمُ السَّيّئَاتِ ﴾ أي : العقوبات. أو جزاء السيئات. فحذف المضاف على أن السيئات هي الصغائر أو الكبائر المتوب عنها. والوقاية منها : التكفير أو قبول التوبة. فإن قلت : ما الفائدة في استغفارهم لهم وهم تائبون صالحون موعودون المغفرة والله لا يخلف الميعاد ؟ قلت : هذا بمنزلة الشفاعة، وفائدته زيادة الكرامة والثواب. وقرىء :( جنة عدن ) وصلح، بضم اللام، والفتح أفصح. يقال : صلح فهو صالح، وصلح فهو صليح، وذريتهم.
! ٧ < ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ * قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ * ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِىَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَالْحُكْمُ للَّهِ الْعَلِىِّ الْكَبِيرِ ﴾ > ٧ !
< < غافر :( ١٠ ) إن الذين كفروا..... > > أي : ينادون يوم القيامة، فيقال لهم :﴿ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ والتقدير : لمقت الله أنفسكم أكبر من مقتكم أنفسكم، فاستغنى بذكرها مرة. و ﴿ إِذْ تَدْعُونَ ﴾ منصوب بالمقت الأوّل. والمعنى : أنه يقال لهم يوم القيامة : كأن الله يمقت أنفسكم الأمارة بالسوء والكفر، حين كان الأنبياء يدعونكم إلى الإيمان، فتأبون قبوله وتختارون عليه الكفر أشدّ مما تمقتونهن اليوم وأنتم في النار إذا أوقعتكم فيها باتباعكم هواهنّ. وعن الحسن : لما رأوا أعمالهم الخبيثة مقتوا أنفسهم، فنودوا لمقت الله. وقيل : معناه لمقت الله إياكم الآن أكبر من مقت بعضكم لبعض، كقوله تعالى :﴿ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً ﴾ ( العنكبوت : ٢٥ ) و ﴿ إِذْ تَدْعُونَ ﴾ : تعليل والمقت : أشدّ البغض، فوضع في موضع أبلغ الإنكار وأشدّه ﴿ اثْنَتَيْنِ ﴾ إماتتين وإحياءتين. أو موتتين وحياتين. وأراد بالإماتتين : خلقهم أمواتاً أوّلاً، وإماتتهم عند انقضاء آجالهم، وبالإحياءة الإحياءة الأولى وإحياءه البعث. وناهيك تفسيراً لذلك قوله تعالى :﴿ وَكُنتُمْ أَمْواتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ﴾ ( البقرة : ٢٨ ) وكذا عن ابن عباس رضي الله عنهما. فإن قلت : كيف صحّ

__________


الصفحة التالية
Icon