عقيب ذكر المودّة في القربى : دل ذلك على أنها تناولت المودّة تناولاً أوّلياً، كأنّ سائر الحسنات لها توابع. وقرىء ( يزد ) أي : يزد الله. وزيادة حسنها من جهة الله مضاعفتها، كقوله تعالى :﴿ مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ ( البقرة : ٢٤٥ ) وقرىء ( حسنى ) وهي مصدر كالبشرى، الشكور في صفة الله : مجاز للاعتداد بالطاعة، وتوفيه ثوابها، والتفضل على المثاب.
! ٧ < ﴿ أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴾ > ٧ !
< < الشورى :( ٢٤ ) أم يقولون افترى..... > > ﴿أَمْ ﴾ منقطعة. ومعنى الهمزة فيه التوبيخ، كأنه قيل : أيتمالكون أن ينسبوا مثله إلى الافتراء، ثم إلى الافتراء على الله الذي هو أعظم الفرى وأفحشها ﴿ فَإِن يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ فإن يشأ الله يجعلك من المختوم على قلوبهم، حتى تفتري عليه الكذب فإنه لا يجترىء على افتراء الكذب على الله إلا من كان في مثل حالهم، وهذا الأسلوب مؤدّاه استبعاد الافتراء من مثله، وأنه في البعد مثل الشرك بالله والدخول في جملة المختوم على قلوبهم. ومثال هذا : أن يخوّن بعض الأمناء فيقول لعل الله خذلني، لعل الله أعمى قلبي، وهو لا يريد إثبات الخذلان وعمى القلب. وإنما يريد استبعاد أن يخوّن مثله، والتنبيه على أنه ركب من تخوينه أمر عظيم، ثم قال : ومن عادة الله أن يمحو الباطل ويثبت الحق ﴿ بِكَلِمَاتِهِ ﴾ بوحيه أو بقضائه كقوله تعالى :﴿ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ ﴾ ( الأنبياء : ١٨ ) يعني : لو كان مفترياً كما تزعمون لكشف الله افتراءه ومحقه وقذف بالحق على باطله فدمغه. ويجوز أن يكون عدة لرسول الله ﷺ بأنه يمحو الباطل الذي هم عليه من البهت والتكذيب، يثبت الحق الذي أنت عليه بالقرآن وبقضائه الذي لا مردّ له من نصرتك عليهم، إنّ الله عليم بما في صدرك وصدورهم، فيجري الأمر على حسب ذلك. وعن قتادة ﴿ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ : ينسك القرآن ويقطع عنك الوحي، يعني : لو افترى على الله الكذب لفعل به ذلك، وقيل ﴿ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ ﴾ : يربط عليه بالصبر، حتى لا يشق عليك أذاهم. فإن قلت : إن كان قوله :﴿ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ ﴾ كلاماً مبتدأ غير معطوف على يختم، فما بال الواو ساقطة في الخط ؟ قلت : كما سقطت في قوله تعالى :﴿ وَيَدْعُ الإِنْسَانُ بِالشَّرّ ﴾ ( الإسراء : ١١ ) وقوله تعالى :﴿ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ﴾ ( العلق : ١٨ ) على أنها مثبتة على في بعض المصاحف.