وحيا كما أوحى إلى الرسل بواسطة الملائكة ﴿ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً ﴾ أي نبيناً كما كلم أمم الأنبياء على ألسنتهم. ووحيا، وأن يرسل : مصدران واقعان موقع الحال ؛ لأنّ أن يرسل، في معنى إرسالاً. ومن وراء حجاب : ظرف واقع موقع الحال أيضاً، كقوله تعالى :﴿ وَعَلَى جُنُوبِهِمْ ﴾ ( آل عمران : ١٩١ ) والتقدير : وما صح أن يكلم أحداً إلا موحياً، أو مسمعاً من وراء حجاب، أو مرسلاً. ويجوز أن يكون : وحياً، موضوعاً موضع : كلاماً ؛ لأنّ الوحي كلام خفي في سرعة، كما تقول : لا أكلمه إلا جهراً وإلا خفانا ؛ لأنّ الجهر والخفات ضربان من الكلام، قلت لفلان كذا، وإنما قاله وكيلك أو رسولك. وقوله :﴿ أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ ﴾ معناه : أو إسماعاً من وراء حجاب ؛ ومن جعل ( وحيا ) في معنى : أن يوحي، وعطف يرسل عليه، على معنى ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْياً ﴾ أي : إلا بأن يوحي. أو بأن يرسل، فعليه أن يقدر قوله :﴿ أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ ﴾ تقديراً يطابقهما عليه، نحو : أو أن يسمع من وراء حجاب. وقرىء ( أو يرسل رسولاً فيوحى ) بالرفع، على : أو هو يرسل. أو بمعنى مرسلاً عطفاً على وحيا في معنى موحياً. وروى أنّ اليهود قالت للنبي ﷺ :
( ٩٩٩ ) ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبياً كما كلمه موسى ونظر إليه، فإنا لن نؤمن لك حتى تفعل ذلك، فقال : لم ينظر موسى إلى الله، فنزلت. وعن عائشة رضي الله عنها :
( ١٠٠٠ ) من زعم أنّ محمداً رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، ثم قالت : أو لم تسمعوا ربكم يقول : فتلت هذه الآية :﴿ إِنَّهُ عَلِىٌّ ﴾ عن صفات المخلوقين ﴿ حَكِيمٌ ﴾ يجري أفعاله على موجب الحكمة، فيكلم تارة بواسطة، وأخرى بغير واسطة : إما إلهاماً، وإما خطاباً.
! ٧ < ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَاكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِى بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِى لَهُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الاٌّ رْضِ أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الاٍّ مُورُ ﴾ > ٧ !
< < الشورى :( ٥٢ ) وكذلك أوحينا إليك..... > > ﴿رُوحاً مّنْ أَمْرِنَا ﴾ يريد : ما أوحي إليه، لأن الخلق يحيون به في دينهم كما يحيى

__________


الصفحة التالية
Icon