عَرَبِيّاً } حال. ولعل : مستعار لمعنى الإرادة ؛ لتلاحظ معناها ومعنى الترجي، أي : خلقناه عربياً غير عجمي : إرادة أن تعقله العرب، ولئلا يقولوا لولا فصلت آياته، وقرىء ( أمّ الكتاب ) بالكسر وهو اللوح، كقوله تعالى :﴿ بَلْ هُوَ قُرْءانٌ مَّجِيدٌ * فِى لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ ﴾ ( البروج : ٢١ ٢٢ ) سمي بأم الكتاب ؛ لأنه الأصل الذي أثبتت فيه الكتب منه تنقل وتنتسخ. على رفيع الشأن في الكتب ؛ لكونه معجزاً من بينها ﴿ حَكِيمٌ ﴾ ذو حكمة بالغة، أي : منزلته عندنا منزلة كتاب هما صفتاه، وهو مثبت في أم الكتاب هكذا.
! ٧ < ﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَن كُنتُمْ قَوْماً مُّسْرِفِينَ ﴾ > ٧ !
< < الزخرف :( ٥ ) أفنضرب عنكم الذكر..... > > ﴿ أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذّكْرَ صَفْحاً ﴾ بمعنى : أفننحي عنكم الذكر ونذوده عنكم على سبيل المجاز، من قولهم : ضرب الغرائب عن الحوض. ومنه قول الحجاج : ولأضربنكم ضرب غرائب الإبل. وقال طرفة :% ( اضْرِبَ عَنْكَ الْهُمُومَ طَارِفَهَا % ضَرْبَكَ بِالسَّيْفِ قَوْنَسَ الْفَرَسِ ) %
والفاء للعطف على محذوف، تقديره : أنهملكم فنضرب عنكم الذكر، إنكاراً لأن يكون الأمر على خلاف ما قدّم على إنزاله الكتاب. وخلقه قرآناً عربياً ؛ ليعقلوه ويعملوا بمواجبه. وصفحاً على وجهين. إما مصدر من صفح عنه : إذا أعرض، منتصب على أنه مفعول له، على معنى : أفنعزل عنكم إنزال القرآن وإلزام الحجة به إعراضاً عنكم. وإمّا بمعنى الجانب من قولهم : نظر إليه بصفح وجهه وصفح وجهه، على معنى : أفننحيه عنكم جانباً، فينتصب على الظرف كما تقول : ضعه جانباً، وامش جانباً. وتعضده قراءة من قرأ ( صفحاً ) بالضم. وفي هذه القراءة وجه آخر : وهو أن يكون تخفيف صفح جمع صفوح، وينتصب على الحال، أي : صافحين معرضين ﴿ إِن كُنتُمْ ﴾ أي : لأن كنتم. وقرىء ( إن كنتم ) وإذ كنتم. فإن قلت : كيف استقام معنى إن الشرطية، وقد كانوا مسرفين على البتّ ؟ قلت : هو من الشرط الذي ذكرت أنه يصدر عن المدل بصحة الأمر، المتحقق لثبوته، كما يقول الأجير : إن كنت عملت لك فوفني حقي، وهو عالم بذلك ؛ ولكنه يخيل في كلامه أن تفريطك في الخروج عن الحق : فعل من له شك في الاستحقاق، مع وضوحه استجهالاً له.

__________


الصفحة التالية
Icon