وذلك أنه قدم تعديد أسباب الفضل والتقدّم عليهم من ملك مصر وجرى الأنهار تحته، ونادى بذلك وملأ به مسامعهم، ثم قال : أنا خير كأنه يقول : أثبت عندكم واستقر أني أنا خير وهذه حالي ﴿ مّنْ هَاذَا الَّذِى هُوَ مَهِينٌ ﴾ أي ضعيف حقير. وقرىء ( أما أنا خير ) ﴿ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ ﴾ الكلام لما به من الرُّتة يريد : أنه ليس معه من العدد وآلات الملك والسياسة ما يعتضد به، وهو في نفسه مخل بما ينعت به الرجال من اللسن والفصاحة، وكانت الأنبياء كلهم أبيناء بلغاء. وأراد بإلقاء الأسورة عليه : إلقاء مقاليد الملك إليه، لأنهم كانوا إذا أرادوا تسويد الرجل سوّروه بسوار وطوّقوه بطوق من ذهب ﴿ مُقْتَرِنِينَ ﴾ إما مقترنين به من قولك : قرنته فاقترن به، وإما من : اقترنوا، بمعنى تقارنوا : لما وصف نفسه بالملك والعزة ووازن بينه وبين موسى صلوات الله عليه، فوصفه بالضعف وقلة الأعضاد اعترض فقال : هلا إن كان صادقاً ملكه ربه وسوّده وسوّره، وجعل الملائكة أعضاده وأنصاره. وقرىء ( أساور جمع أسورة ) وأساوير جمع أسوار وهو السوار، وأساورة على تعويض التاء من ياء أساوير. وقرىء ( ألقي عليه أسورة ) وأساور، على البناء للفاعل، وهو الله عز وجل.
! ٧ < ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ ﴾ > ٧ !
< < الزخرف :( ٥٤ ) فاستخف قومه فأطاعوه..... > > ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ ﴾ فاستفزهم. وحقيقته : حملهم على أن يخفوا له ولما أراد منهم، وكذلك : استفز، من قولهم للخفيف : فز.
! ٧ < ﴿ فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلاٌّ خِرِينَ ﴾ > ٧ !
< < الزخرف :( ٥٥ ) فلما آسفونا انتقمنا..... > > ﴿ءاسَفُونَا ﴾ منقول من أسف أسفاً إذا اشتد غضبه. ومنه الحديث في موت الفجأة :
( ١٠٠٤ ) ( رحمة للؤمن وأخذة أسف للكافر ). ومعناه : أنهم أفرطوا في المعاصي وعدوا طورهم، فاستوجبوا أن نعجل لهم عذابنا وانتقامنا، وأن لا نحلم عنهم. وقرىء ( سلفا ) جمع سالف، كخادم وخدم. وسلفا بضمتين جمع سليف، أي : فريق قد

__________


الصفحة التالية
Icon