٨٥ ) وإنما ذكر الله تعالى السبب الذي استوجبوا به الهلاك، وهو كونهم مجرمين. وقرىء ( إنّ هؤلاء ) بالكسر على إضمار القول، أي : فدعا ربه فقال : إن هؤلاء ﴿ فَأَسْرِ ﴾ قرىء بقطع الهمزة من أسرى، ووصلها من سرى. وفيه وجهان : إضمار القول بعد الفاء، فقال : أسر بعبادي. وأن يكون جواب شرط محذوف، كأنه قيل : قال إن كان الأمر كما تقول فأسر ﴿ بِعِبَادِى ﴾ يعني : فأسر ببني إسرائيل، فقد دبر الله أن تتقدموا ويتبعكم فرعون وجنوده، فينجي المتقدمين ويغرق التابعين. الرهو فيه وجهان، أحدهما : أنه الساكن. قال الأعشى :% ( يَمْشِينَ رَهْواً فَلاَ الأَعْجَازُ خَاذِلَة % وَلاَ الصُّدُورُ عَلَى الأَعْجَازِ تَتَّكِلُ ) %
أي مشياً ساكناً على هينة. أراد موسى لما جاوز البحر أن يضربه بعصاه فينطبق، كما ضربه فانفلق، فأمر بأن يتركه ساكناً على هيئته، قارّاً على حاله : من انتصاب الماء، وكون الطريق يبساً لا يضربه بعصاه ولا يغير منه شيئاً ليدخله القبط، فإذا حصلوا فيه أطبقه الله عليهم. والثاني : أن الرهو الفجوة الواسعة. وعن بعض العرب : أنه رأى جملاً فالجاً فقال : سبحان الله، رهوٌ بين سنامين، أي : اتركه مفتوحاً على حاله منفرجاً ﴿ إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ﴾ وقرىء بالفتح، بمعنى : لأنهم.
! ٧ < ﴿ كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ ﴾ > ٧ !
< < الدخان :( ٢٥ ) كم تركوا من..... > > والمقام الكريم : ما كان لهم من المجالس والمنازل الحسنة. وقيل : المنابر. والنعمة بالفتح من التنعم، وبالكسر من الإنعام. وقرىء :( فاكهين ) وفكهين.
! ٧ < ﴿ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً ءَاخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَآءُ وَالاٌّ رْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ ﴾ > ٧ !
< < الدخان :( ٢٨ ) كذلك وأورثناها قوما..... > > ﴿كَذَلِكَ ﴾ الكاف منصوبة على معنى : مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها ﴿ وَأَوْرَثْنَاهَا ﴾ أو في موضع الرفع على الأمر كذلك ﴿ قَوْماً ءاخَرِينَ ﴾ ليسوا منهم في شيء من قرابة ولا دين ولا ولاء، وهم بنو إسرائيل : كانوا متسخرين مستعبدين في أيديهم، فأهلكهم الله على أيديهم، وأورثهم ملكهم وديارهم. إذا مات رجل خطير قالت العرب في تعظيم مهلكة : بكت عليه السماء والأرض، وبكته الريح، وأظلمت له الشمس. وفي حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم

__________


الصفحة التالية
Icon