وقوله :﴿ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم ﴾ يحتمل معنيين : أن يخلق مثلهم في الصغر والقماءة بالإضافة إلى السماوات والأرض أو أن يعيدهم ؛ لأن المعاد مثل للمبتدأ وليس به ﴿ وَهُوَ الْخَلَّاقُ ﴾ الكثير المخلوقات ﴿ الْعَلِيمُ ﴾ الكثير المعلومات. وقرىء :( الخالق ) ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ ﴾ إنما شأنه ﴿ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً ﴾ إذا دعاه داعي حكمة إلى تكوينه ولا صارف ﴿ أَن يَقُولَ لَهُ كُن ﴾ أن يكونه من غير توقف ﴿ فَيَكُونُ ﴾ فيحدث، أي : فهو كائن موجود لا محالة. فإن قلت : ما حقيقة وقوله :﴿ أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ ؟ قلت : هو مجاز من الكلام وتمثيل، لأنه لا يمتنع عليه شيء من المكونات، وأنه بمنزلة المأمور المطيع إذا ورد عليه أمر الآمر المطاع. فإن قلت : فما وجه القراءتين في فيكون ؟ قلت : أما الرفع فلأنها جملة من مبتدأ وخبر ؛ لأن تقديرها : فهو يكون، معطوفة على مثلها، وهي أمره أن يقول له كن. وأما النصب فللعطف على يقول، والمعنى : أنه لا يجوز عليه شيء مما يجوز على الأجسام إذا فعلت شيئاً مما تقدر عليه، من المباشرة بمحال القدرة، واستعمال الآلات، وما يتبع ذلك من المشقة والتعب واللغوب إنما أمره وهو القادر العالم لذاته أن يخلص داعيه إلى الفعل، فيتكون فمثله كيف يعجز عن مقدور حتى يعجز عن الإعادة ؟ ﴿ فَسُبْحَانَ ﴾ تنزيه له مما وصفه به المشركون، وتعجيب من أن يقولوا فيه ما قالوا :﴿ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلّ شَىْء ﴾ هو مالك كل شيء والمتصرف فيه بمواجب مشيئته وقضايا حكمته. وقرىء :( ملكة كل شيء ) وملك كل شيء. والمعنى واحد ﴿ تُرْجَعُونَ ﴾ بضم التاء وفتحها. وعن ابن عباس رضي الله عنهما : كنت لا أعلم ما روي في فضائل يس وقراءتها كيف خصت، بذلك، فإذا أنه لهذه الآية.
قال رسول الله ﷺ :
( ٩٤٣ ) ( إنّ لكل شيء قلباً، وإن قلب القرآن يس، من قرأ يس يريد بها وجه الله،