ذي لب وراجع إلى بصيرة وذهن لا يغبي عليه أن الرجل لا يمدح بغير فعله ؛ وحمل الآية على ظاهرها يؤدّي إلى أن يثني عليهم بفعل الله، وقد نفى الله هذا عن الذين أنزل فيهم ﴿ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ ﴾ ( آل عمران : ١٨٨ ) فإن قلت : فإنّ العرب تمدح بالجمال وحسن الوجوه، وذلك فعل الله، وهو مدح مقبول عند الناس غير مردود. قلت : الذي سوّغ ذلك لهم أنهم رأوا حسن الرواء ووسامة المنظر في الغالب، يسفر عن مخبر مرضى وأخلاق محمودة ومن ثم قالوا : أحسن ما في الدميم وجهه، فلم يجعلوه من صفات المدح لذاته، ولكن لدلالته على غيره، على أن من محققة الثقات وعلماء المعاني من دفع صحة ذلك وخطأ المادح به، وقصر المدح على النعت بأمّهات الخير : وهي الفصاحة والشجاعة والعدل والعفة، وما يتشعب منها ويرجع إليها، وجعل الوصف بالجمال والثروة وكثرة الحفدة والأعضاد وغير ذلك مما ليس للإنسان فيه عمل غلطاً ومخالفة عن المعقول و ﴿ الْكُفْرِ ﴾ تغطية نعم الله تعالى وغمطها بالجحود. و ﴿ الْفُسُوقُ ﴾ الخروج عن قصد الإيمان ومحجته بركوب الكبائر ﴿ وَالْعِصْيَانَ ﴾ ترك الانقياد والمضي لما أمر به الشارع. والعرق العاصي : العاند. واعتصت النواة : اشتدّت. والرشد : الاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه من الرشادة وهي الصخرة. قال أبو الوازع : كل صخرة وشادة. وأنشد :% ( وَغَيْرُ مُقَلَّدٍ وَمُوَشَّمَات % صَلينَ الضَّوْءَ مِنْ صُمِّ الرَّشَادِ ) %
و ﴿ فَضْلاً ﴾ مفعول له، أو مصدر من غير فعله فإن قلت : من أين جاز وقوعه