الجرائر أن يذكروا بالفسق. وفي قوله :﴿ بَعْدَ الاْيمَانِ ﴾ ثلاثة أوجه : أحدها استقباح الجمع بين الإيمان وبين الفسق الذي يأباه الإيمان ويحظره، كما تقول : بئس الشأن بعد الكبرة الصبوة والثاني : أنه كان في شتائمهم لمن أسلم من اليهود : يا يهودي يا فاسق، فنهوا عنه، وقيل لهم : بئس الذكر أن تذكروا الرجل بالفسق واليهودية بعد إيمانه، والجملة على هذا التفسير متعلقة بالنهي عن التنابز. والثالث : أن يجعل من فسق غير مؤمن، كما تقول للمتحول عن التجارة إلى الفلاحة : بئست الحرفة الفلاحة بعد التجارة.
! ٧ < ﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ ﴾ > ٧ !
< < الحجرات :( ١٢ ) يا أيها الذين..... > > يقال : جنبه الشر إذا أبعده عنه، وحقيقته : جعله منه في جانب، فيعدى إلى مفعولين. قال الله عز وجل :﴿ وَاجْنُبْنِى وَبَنِىَّ أَن نَّعْبُدَ الاْصْنَامَ ﴾ ( إبراهيم : ٣٥ ) ثم يقال في مطاوعه : اجتنب الشر فتنقص المطاوعة مفعولاً. والمأمور باجتنابه هو بعض الظن، وذلك البعض موصوف بالكثرة : ألا ترى إلى قوله :﴿ إِنَّ بَعْضَ الظَّنّ إِثْمٌ ﴾ ؟ فإن قلت : بَيِّن الفصل بيْنَ ﴿ كَثِيراً ﴾، حيث جاء نكرة وبينه لو جاء معرفة. قلت : مجيئه نكرة يفيد معنى البعضية، وإنّ في الظنون ما يجب أن يجتنب من غير تبيين لذلك ولا تعيين. لئلا يجترىء أحد على ظنّ إلا بعد نظر وتأمّل، وتمييز بين حقه وباطله بأمارة بينة، مع استشعار للتقوى والحذر ؛ ولو عرف لكان الأمر باجتناب الظنّ منوطاً بما يكثر من دون ما يقل، ووجب أن يكون كل ظنّ متصف بالكثرة مجتنباً، وما اتصف منه بالقلة مرخصاً في تظننه. والذي يميز الظنون التي يجب اجتنابها عما سواها : أنّ كل ما لم تعرف له أمارة صحيحة وسبب ظاهر : كان حراماً واجب الاجتناب ؛ وذلك إذا كان المظنون به ممن

__________


الصفحة التالية
Icon