بأمر القيامة من هو المأفوك. ووجه آخر : وهو أن يرجع الضمير إلى قول مختلف وعن مثله في قوله :% ( يَنْهَوْنَ عَنْ أَكْلٍ وَعَنْ شُرْبِ ;
أي : يتناهون في السمن بسبب الأكل والشرب. وحقيقته : يصدر تناهيهم في السمن عنهما، وكذلك يصدر إفكهم عن القول المختلف. وقرأ سعيد بن جبير ( يؤفك عنه ) من أفك، على البناء للفاعل. أي : من أفك الناس عنه وهم قريش، وذلك أنّ الحي كانوا يبعثون الرجل ذا العقل والرأي ليسأل عن رسول الله ﷺ، فيقولون له : احذره، فيرجع فيخبرهم. وعن زيد بن علي : يأفك عنه من أفك، أي : يصرف الناس عنه من هو مأفوك في نفسه. وعنه أيضاً : يأفك عنه من أفك ؛ أي : يصرف الناس عنه من هو أفاك كذاب. وقرىء :( يؤفن عنه من أفن ) أي : يحرمه من رحم، من أفن الضرع إذا نهكه حلباً.
! ٧ < ﴿ قُتِلَ الْخَرَاصُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِى غَمْرَةٍ سَاهُونَ * يَسْألُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ * يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ * ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ هَاذَا الَّذِى كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ > ٧ !
< < الذاريات :( ١٠ - ١٤ ) قتل الخراصون > > ﴿ قُتِلَ الْخَرصُونَ ﴾ دعاء عليهم، كقوله تعالى :﴿ قُتِلَ الإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ﴾ ( عبس : ١٧ ) وأصله الدعاء بالقتل والهلاك، ثم جرى مجرى : لعن وقبح. والخرّاصون : الكذابون المقدرون ما لا يصح، وهم أصحاب القول المختلف، واللام إشارة إليهم، كأنه قيل : قتل هؤلاء الخراصون. وقرىء :( قتل الخراصين ) أي : قتل الله ﴿ فِى غَمْرَةٍ ﴾ في جهل يغمرهم ﴿ سَاهُونَ ﴾ غافلون عما أمروا به ﴿ يُسْئَلُونَ ﴾ فيقولون :( أيان يوم الدين ) أي متى يوم الجزاء. وقرىء بكسر الهمزة وهي لغة. فإن قلت : كيف وقع أيان ظرفاً لليوم، وإنما تقع الأحيان ظروفاً للحدثان ؟ قلت : معناه : أيان وقوع يوم الدين. فإن قلت : فبم انتصب اليوم الواقع في الجواب ؟ قلت : بفعل مضمر دل عليه السؤال، أي : يقع يوم هم على النار يفتنون، ويجوز أن يكون مفتوحاً لإضافته إلى غير متمكن وهي الجملة. فإن قلت : فما محله مفتوحاً ؟ قلت : يجوز أن يكون محله نصباً بالمضمر الذي هو يقع ؛ ورفعا على هو يوم هم على النار يفتنون. وقرأ ابن أبي عبلة بالرفع ﴿ يُفْتَنُونَ ﴾ يحرقون ويعذبون. ومنه الفتين : وهي الحرّة ؛ لأن حجارتها كأنها محرقة ﴿ ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ ﴾ في محل الحال،