% ( وَقَدْ جَعَلَتْنِي مِنْ حَزِيمَةَ أَصْبُعَا % فإن قلت : كيف تقدير قوله :﴿ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ ﴾ ؟ قلت : تقديره فكان مقدار مسافة قربه مثل قاب قوسين، فحذفت هذه المضافات كما قال أبو على في قوله : وقد جعلتني من حزيمة أصبعا أي : ذا مقدار مسافة أصبع ﴿ أَوْ أَدْنَى ﴾ أي على تقديركم، كقوله تعالى :﴿ أَوْ يَزِيدُونَ ﴾ ( الصافات : ١٤٧ ). ﴿ إِلَى عَبْدِهِ ﴾ إلى عبد الله، وإن لم يجر لاسمه عزّ وجل ذكر، لأنه لا يلبس ؛ كقوله :﴿ عَلَى ظَهْرِهَا ﴾ ( فاطر : ٤٥ ). ﴿ مَا أَوْحَى ﴾ تفخيم للوحي الذي أوحي إليه : قيل أوحي إليه ( إنّ الجنة محرّمة على الأنبياء حتى تدخلها وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك ) ﴿ مَا كَذَبَ ﴾ فؤاد محمد ﷺ ما رآه ببصره من صورة جبريل عليه السلام، أي : ما قال فؤاده لما رآه : لم أعرفك، ولو قال ذلك لكان كاذباً، لأنه عرفه، يعني : أنه رآه بعينه وعرفه بقلبه، ولم يشك في أنّ ما رآه حق وقرىء :( ما كذب ) أي صدقه ولم يشك أنه جبريل عليه السلام بصورته ﴿ أَفَتُمَارُونَهُ ﴾ من المراء وهو الملاحاة والمجادلة واشتقاقه من مري الناقة، كأن كل واحد من المتجادلين يمرى ما عند صاحبه. وقرىء :( أفتمرونه ) أفتغلبونه في المراء، من ماريته فمريته، ولما فيه من معنى الغلبة عدّى بعلى، كما تقول : غلبته على كذا : وقيل : أفتمرونه : أفتجدونه. وأنشدوا :% ( لَئِنْ هَجَوْتَ أَخَاً صِدْقٍ وَمَكْرُمَة % لَقَدْ مَرَيْتَ أخاً مَا كَانَ يَمْرِيكاً ) %
وقالوا : يقال مريته حقه إذا جحدته، وتعديته بعلى لا تصح إلا على مذهب التضمين ﴿ نَزْلَةً أُخْرَى ﴾ مرة أخرى من النزول، نصبت النزلة نصب الظرف الذي هو مرة، لأنّ