النظرة وهي الإمهال : جعل اتئادهم في المضي إلى أن يلحقوا بهم أنظاراً لهم ﴿ نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ ﴾ نصب منه ؛ وذلك أن يلحقوا بهم فيستنيروا به ﴿ قِيلَ ارْجِعُواْ وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُواْ نُوراً ﴾ طرد لهم وتهكم بهم، أي : ارجعوا إلى الموقف إلى حيث أعطينا هذا النور فالتمسوه هنالك، فمن ثم يقتبس. أو أراجعوا إلى الدنيا، فالتمسوا نوراً بتحصيل سببه وهو الإيمان. أو ارجعوا خائبين وتنحوا عنا، فالتمسوا نوراً آخر، فلا سبيل لكم إلى هذا النور، وقد علموا أن لا نور وراءهم ؛ وإنما هو تخييب وإقناط لهم ﴿ فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ ﴾ بين المؤمنين والمنافقين بحائط حائل بين شق الجنة وشق النار. وقيل : هو الأعراف لذلك السور ﴿ بَابٌ ﴾ لأهل الجنة يدخلون منه ﴿ بَاطِنُهُ ﴾ باطن السور أو الباب، وهو الشق الذي بلى الجنة ﴿ وَظَاهِرُهُ ﴾ ما ظهر لأهل النار ﴿ مِن قَبْلِهِ ﴾ من عنده ومن جهته ﴿ الْعَذَابَ ﴾ وهو الظلمة والنار. وقرأ زيد بن علي رضي الله عنهما :( فضرب بينهم ) على البناء للفاعل ﴿ أَلَمْ نَكُن مَّعَكُمْ ﴾ يريدون موافقتهم في الظاهر ﴿ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ ﴾ محنتموها بالنفاق وأهلكتموها ﴿ وَتَرَبَّصْتُمْ ﴾ بالمؤمنين الدوائر ﴿ وَغرَّتْكُمُ الاْمَانِىُّ ﴾ طول الآمال والطمع في امتداد الأعمار ﴿ حَتَّى جَاء أَمْرُ اللَّهِ ﴾ وهو الموت ﴿ وَغَرَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ وغرّكم الشيطان بأنّ الله عفوّ كريم لا يعذبكم. وقرىء :( الغرور ) بالضم ﴿ فِدْيَةٌ ﴾ ما يفتدى به ﴿ هِىَ مَوْلَاكُمْ ﴾ قيل : هي أولى بكم، وأنشد قول لبيد :% ( فَغَدَتْ كِلاَ الْفَرَجَيْنِ تَحْسِبُ أَنَّه % مُولِي المَخَافَةَ خَلْفَهَا وَأَمَامَهَا ) %
وحقيقة مولاكم : محراكم ومقمنكم. أي : مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم، كما قيل : هو مئنة للكرم، أي مكان ؛ لقول القائل : إنه لكريم. ويجوز أن يراد : هي ناصركم، أي لا ناصر لكم غيرها. والمراد : نفي الناصر على البتات. ونحوه قولهم : أصيب فلان بكذا فاستنصر الجزع. ومنه قوله تعالى :( يغاثوا بماء كالمهل ) وقيل : تتولاكم كما توليتم في الدنيا أعمال أهل النار.
! ٧ < ﴿ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَالَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الاٌّ مَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ > ٧ { < الحديد :( ١٦ ) ألم يأن للذين..... > >