وعزته عندهم وعظمه في عيونهم : يزوونه عن حقوق الله ويبخلون به، ولا يكفيهم أنهم بخلوا حتى يحملوا الناس على البخل ويرغبوهم في الإمساك ويزينوه لهم، وذلك كله نتيجة فرحهم به وبطرهم عند إصابته ﴿ وَمَن يَتَوَلَّ ﴾ عن أوامر الله ونواهيه ولم ينته عما نهى عنه من الأسى على الفائت والفرح بالآتي : فإنّ الله غني عنه. وقرىء :( بالبخل ) وقرأ نافع :( فإنّ الله الغني )، وهو في مصاحف أهل المدينة والشام كذلك.
! ٧ < ﴿ لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ ﴾ > ٧ !
< < الحديد :( ٢٥ ) لقد أرسلنا رسلنا..... > > ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا ﴾ يعني الملائكة إلى الأنبياء ﴿ بِالْبَيِّنَاتِ ﴾ بالحجج والمعجزات ﴿ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ ﴾ أي الوحي ﴿ وَالْمِيزَانَ ﴾ روى أنّ جبريل عليه السلام نزل بالميزان فدفعه إلى نوح وقال : مر قومك يزنوا به ﴿ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ ﴾ قيل : نزل آدم من الجنة ومعه خمسة أشياء من حديد : السندان، والكلبتان، والميقعة والمطرقة، والإبرة. وروى : ومعه المر والمسحاة. وعن النبي ﷺ :
( ١١٣٢ ) ( أنّ الله تعالى أنزل أربع بركات من السماء إلى الأرض : أنزل الحديد، والنار، والماء، والملح. وعن الحسن ﴿ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ ﴾ : خلقناه، كقوله تعالى :﴿ وَأَنزَلَ لَكُمْ مّنَ الاْنْعَامِ ﴾ ( الزمر : ٦٠ ) وذلك أنّ أوامره تنزل من السماء وقضاياه وأحكامه ﴿ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ﴾ وهو القتال به ﴿ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ﴾ في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم، فما من صناعة إلا والحديد آلة فيها ؛ أو ما يعمل بالحديد ﴿ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ ﴾ باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح في مجاهدة أعداء الدين ﴿ بِالْغَيْبِ ﴾ غائباً عنهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما : ينصرونه ولا يبصرونه ﴿ إِنَّ اللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ ﴾ غني بقدرته وعزته في إهلاك من يريد هلاكه عنهم، وإنما كلفهم الجهاد لينتفعوا به ويصلوا بامتثال الأمر فيه إلى الثواب.

__________


الصفحة التالية
Icon