كقوله :﴿ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ * السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ * الَّذِى فطَرَهُنَّ ﴾ ( الأنبياء : ٥٦ ) أي فطر الأصنام. فإن قلت : كيف يكون الشيء الواحد مخلوقاً لله معمولاً لهم، حيث أوقع خلقه وعملهم عليها جميعاً ؟ قلت : هذا كما يقال : عمل النجار الباب والكرسي، وعمل الصائغ السوار والخلخال، والمراد عمل أشكال هذه الأشياء وصورها دون جواهرها، والأصنام جواهر وأشكال، فخالق جواهرها الله، وعاملوا أشكالها الذين يشكلونها بنحتهم وحذفهم بعض أجزائها، حتى يستوي التشكيل الذي يريدونه. فإن قلت : فما أنكرت أن تكون ما مصدرية لا موصولة، ويكون المعنى : والله خلقكم وعملكم، كما تقول المجبرة ؟ قلت ؛ أقرب ما يبطل به هذا السؤال بعد بطلانه بحجج العقل والكتاب : أن معنى الآية يأباه إباء جلياً، وينبو عنه نبوّاً ظاهراً، وذلك أن الله عزّ وجلّ قد احتج عليهم بأنّ العابد والمعبود جميعاً