أشهد أنّ العز لله ولرسوله وللمؤمنين، فقال رسول الله لابنه :( جزاك الله عن رسوله وعن المؤمنين خيراً ) ؛ فلما بان كذب عبد الله قيل له : قد نزلت فيك آي شداد، فاذهب إلى رسول الله ﷺ يستغفر لك، فلوى رأسه ثم قال : أمرتموني أن أومن فآمنت، وأمرتموني أن أزكي مالي فزكيت، فما بقي إلا أن أسجد لمحمد، فنزلت :﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﴾ ( المنافقون : ٥ ) ولم يلبث إلا أياماً قلائل حتى اشتكى ومات ﴿ سَوَاء عَلَيْهِمْ ﴾ الاستغفار وعدمه، لأنهم لا يلتفتون إليه ولا يعتدون به لكفرهم. أو لأن الله لا يغفر لهم. وقرىء :( استغفرت ) على حذف حرف الاستفهام ؛ لأنّ ( أم ) المعادلة تدل عليه. وقرأ أبو جعفر ( آستغفرت )، إشباعاً لهمزة الاستفهام للإظهار والبيان، لا قلبا لهمزة الوصل ألفاً، كما في : آلسحر، وآلله ﴿ يَنفَضُّواْ ﴾ يتفرقوا. وقرىء :( ينفضوا ) من أنفض القوم إذا فنيت أزوادهم. وحقيقته : حان لهم أن ينفضوا من أودهم ﴿ وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاواتِ وَالاْرْضِ ﴾ وبيده الأرزاق والقسم، وفهو رازقهم منها ؛ وإن أبي أهل المدينة أن ينفقوا عليهم، ولكن عبد الله وأضرابه جاهلون ﴿ لاَّ يَفْقَهُونَ ﴾ ذلك فيهذون بما يزين لهم الشيطان. وقرىء :( ليخرجنّ الأعز منها الأذل ) بفتح الياء. وليخرجنّ، على البناء للمفعول. قرأ الحسن وابن أبي عبلة : لنخرجنّ، بالنون ونسب الأعز والأذل. ومعناه : خروج الأذل. أو إخراج الأذل. أو مثل الأذل ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ ﴾ الغلبة والقوّة، ولمن أعزه الله وأيده من رسوله ومن المؤمنين، وهم الأخصاء بذلك، كما أنّ المذلة والهوان للشيطان وذويه من الكافرين والمنافقين. وعن بعض الصالحات وكانت في هيثة رثة ألست على الإسلام ؟ وهو العز الذي لا ذل معه، والغني الذي لا فقر معه. وعن الحسن بن علي رضي الله عنهما : أنّ رجلاً قال له : إنّ الناس يزعمون أنّ فيك تيهاً ؛ قال : ليس بتيه، ولكنه عزة، وتلا هذه الآية.
! ٧ < ﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ > ٧ !
< < المنافقون :( ٩ ) يا أيها الذين..... > > ﴿لاَ تُلْهِكُمْ ﴾ لا تشغلكم ﴿ أَمْوالَكُمْ ﴾ والتصرف فيها : والسعي في تدبير أمرها : والتهالك على طلب النماء فيها بالتجارة والاغتلال، وابتغاء النتاج والتلذذ بها ؛ والاستمتاع بمنافعها ﴿ وَلاَ أَوْلَادُكُمْ ﴾ وسروركم بهم، وشفقتكم عليهم، والقيام بمؤنهم، وتسوية ما يصلحهم من معايشهم في حياتكم وبعد مماتكم، وقد عرفتم قدر منفعة الأموال والأولاد، وأنه أهون شيء وأدونه في جنب ما عند الله ﴿ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ﴾ وإيثاره عليها ﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ ﴾ يريد الشغل بالدنيا عن الدين ﴿ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ في تجارتهم حيث

__________


الصفحة التالية
Icon