غيرها من النيران بالحطب. وعن ابن عباس رضي الله عنهما : هي حجارة الكبريت، وهي أشدّ الأشياء حراً إذا أوقد عليها. وقرىء :( وقودها ) بالضم، أي ذو وقودها ﴿ فَإِنَّ ﴾ يلي أمرها وتعذيب أهلها ﴿ مَلَائِكَةٌ ﴾ يعني الزبانية التسعة عشر وأعوانهم ﴿ غِلاَظٌ شِدَادٌ ﴾ في أجرامهم غلظة وشدّة، أي : جفاء وقوّة. أو في أفعالهم جفاء وخشونة، لا تأخذهم رأفة في تنفيذ أوامر الله والغضب له والانتقام من أعدائه ﴿ مَا أَمَرَهُمْ ﴾ في محل النصب على البدل، أي : لا يعصون ما أمر الله. أي : أمره، كقوله تعالى :﴿ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى ﴾ ( طه : ٩٣ ) أو لا يعصونه فيما أمرهم. فإن قلت : أليست الجملتان في معنى واحد ؟ قلت : لا، فإنّ معنى الأولى أنهم يتقبلون أوامره ويلتزمونها ولا يأبونها ولا ينكرونها، ومعنى الثانية : أنهم يؤدون ما يؤمرون به لا يتثافلون عنه ولا يتوانون فيه. فإن قلت : قد خاطب الله المشركين المكذبين بالوحي بهذا بعينه في قوله تعالى :﴿ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِى وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ﴾ ( البقرة : ٢٤ ) وقال :﴿ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾ ( البقرة : ٢٤ ) فجعلها معدّة للكافرين، فما معنى مخاطبته به بالمؤمنين ؟ قلت : الفساق وإن كانت دركاتهم فوق دركات الكفار، فإنهم مساكنون الكفار في دار واحدة فقيل للذين آمنوا : قوا أنفسكم باجتناب الفسوق مساكنة الكفار الذين أعدت لهم هذه النار الموصوفة. ويجوز أن يأمرهم بالتوقي من الارتداد، والندم على الدخول في الإسلام، وأن يكون خطاباً للذين آمنوا بألسنتهم وهم المنافقون ؛ ويعضد ذلك قوله تعالى على أثره ﴿ يُؤْمَرُونَ يأَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُواْ لاَ تَعْتَذِرُواْ الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ أي : يقال لهم ذلك عند دخولهم النار لا تعتذروا، لأنه لا عذر لكم. أو لأنه لا ينفعكم الاعتذار.
! ٧ < ﴿ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الاٌّ نْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِى اللَّهُ النَّبِىَّ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَآ أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَآ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ ﴾ > ٧ !
< < التحريم :( ٨ ) يا أيها الذين..... > > ﴿تَوْبَةً نَّصُوحاً ﴾ وصفت التوبة بالنصح على الإسناد المجازى ؛ والنصح : صفة التائبين، وهو أن ينصحوا بالتوبة أنفسهم، فيأتوا بها على طريقها متداركة للفرطات ماحية للسيئات، وذلك : أن يتوبوا عن القبائح لقبحها، نادمين عليها، مغتمين أشدّ الاغتمام لارتكابها، عازمين على أنهم لا يعودون في قبيح من القبائح إلى أن يعود اللبن في الضرع، موطنين أنفسهم على ذلك. وعن علي رضي الله تعالى عنه : أنه سمع أعرابياً يقول : اللهم إني استغفرك وأتوب إليك، فقال : يا هذا، إنّ سرعة اللسان بالتوبة توبة

__________


الصفحة التالية
Icon