وَشَهِيقٌ } ( هود : ١٠٦ ) وإما للنار تشبيهاً لحسيسها المنكر الفظيع بالشهيق ﴿ وَهِىَ تَفُورُ ﴾ تغلى بهم غليان المرجل بما فيه. وجعلت كالمغتاظة عليهم لشدة غليانها بهم، ويقولون : فلان يتميز غيظاً ويتقصف غضباً، وغضب فطارت منه شقة في الأرض وشقة في السماء : إذا وصفوه بالإفراط فيه. ويجوز أن يراد : غيظ الزبانية ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴾ توبيخ يزدادون به عذاباً إلى عذابهم وحسرة إلى حسرتهم. وخزنتها : مالك وأعوانه من الزبانية ﴿ قَالُواْ بَلَى ﴾ اعتراف منهم بعدل الله، وإقرار بأن الله عز وعلا أزاح عللهم ببعثه الرسل وإنذارهم ما وقعوا فيه، وأنهم لم يؤتوا من قدره كما تزعم المجبرة ؛ وإنما أتوا من قبل أنفسهم، واختيارهم خلاف ما اختار الله وأمر به وأوعد على ضده. فإن قلت :﴿ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ فِى ضَلَالٍ كَبِيرٍ ﴾ من المخاطبون به ؟ قلت : هو من جملة قول الكفار وخطابهم للمنذرين، على أنّ النذير بمعنى الإنذار. والمعنى : ألم يأتكم أهل نذير. أو وصف منذروهم لغلوهم في الإنذار، كأنهم ليسوا إلا إنذاراً ؛ وكذلك ﴿ قَدْ جَاءنَا نَذِيرٌ ﴾ ونظيره قوله تعالى :﴿ إِنَّا رَسُولُ رَبّ الْعَالَمِينَ ﴾ ( الشعراء : ١٦ ) أي حاملاً رسالته. ويجوز أن يكون من كلام الخزنة للكفار على إرادة القول : أرادوا حكاية ما كانوا عليه من ضلالهم في الدنيا. أو أرادوا بالضلال ؛ الهلاك. أو سموا عقاب الضلال باسمه. أو من كلام الرسل لهم حكوه للخزنة، أي قالوا لنا هذا فلم نقبله ﴿ لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ ﴾ الإنذار سماع طالبين للحق. أم نعقله عقل متأمّلين. وقيل : إنما جمع بين السمع والعقل ؛ لأنّ مدار التكليف على أدلة السمع والعقل. ومن بدع التفاسير : أنّ المراد لو كنا على مذهب أصحاب الحديث أو على مذهب أصحاب الرأي، كأنّ هذه الآية نزلت بعد ظهور هذين المذهبين، وكأن سائر أصحاب المذاهب والمجتهدين قد أنزل الله وعيدهم، وكأن من كان من هؤلاء فهو من الناجين لا محالة ؛ وعدّة المبشرين من الصحابة : عشرة، لم يضم إليهم حادي عشر، وكأن من يجوز على الصراط أكثرهم لم يسمعوا باسم هذين الفريقين ﴿ بِذَنبِهِمْ ﴾ بكفرهم