إعمالاً واحداً ؛ ومحله النصب على الحال، كأنه قال : ما أنت بمجنون منعماً عليك بذلك ؛ ولم تمنع الباء أن يعمل مجنون فيما قبله، لأنها زائدة لتأكيد النفي. والمعنى ؛ استبعاد ما كان ينسبه إليه كفار مكة عداوة وحسداً، وأنه من إنعام الله عليه بحصافة العقل والشهامة التي يقتضيها التأهيل للنبوّة، بمنزل ﴿ وَإِنَّ لَكَ ﴾ على احتمال ذلك وإساغة الغصة فيه والصبر عليه ﴿ لاجْرًا ﴾ لثواباً ﴿ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ غير مقطوع كقوله :﴿ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ ﴾ ( هود : ١٠٨ ) أو غير ممنون عليك به، لأنّه ثواب تستوجبه على عملك، وليس بتفضل ابتداء ؛ وإنما تمنّ الفواضل لا الأجور على الأعمال.
! ٧ < ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ > ٧ !
< < القلم :( ٤ ) وإنك لعلى خلق..... > > استعظم خلقه لفرط احتماله الممضات من قومه وحسن مخالفته ومداراته لهم. وقيل : هو الخلق الذي أمره الله تعالى به في قوله تعالى :﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِض عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ ( الأعراف : ١٩٩ ) وعن عائشة رضي الله عنها :
( ١٢١٧ ) أن سعيد بن هشام سألها عن خلق رسول الله ﷺ فقالت : كان خلقه القرآن، ألست تقرأ القرآن : قد أفلح المؤمنون.
! ٧ < ﴿ فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ ﴾ > ٧ !
< < القلم :( ٥ ) فستبصر ويبصرون > > ﴿الْمَفْتُونُ ﴾ المجنون، لأنه فتن : أي محن بالجنون. أو لأن العرب يزعمون أنه من تخبيل الجن، وهم الفتان للفتاك منهم، والباء مزيدة. أو المفتون مصدر كالمعقول والمجلود، أي : بأيكم الجنون، أو بأي الفريقين منكم الجنون، أبفريق المؤمنين أم بفريق الكافرين ؟ أي : في أيهما يوجد من يستحق هذا الاسم : وهو تعريض بأبي جهل بن هشام والوليد بن المغيرة وأضرابهما، وهذا كقوله تعالى :﴿ سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الْكَذَّابُ الاْشِرُ ﴾ ( القمر : ٢٦ ).