أن يتم لهم مرادهم من الصرام والحرمان ﴿ قَالُواْ ﴾ في بديهة وصولهم ﴿ إِنَّا لَضَالُّونَ ﴾ أي ضللنا جنتنا، وما هي بها لما رأوا من هلاكها ؛ فلما تأملوا وعرفوا أنها هي قالوا :﴿ بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ﴾ حرمنا خيرها لجنايتنا على أنفسنا ﴿ أَوْسَطُهُمْ ﴾ أعدلهم وخيرهم، من قولهم : هو من سطة قومه، وأعطني من سلطات مالك. ومنه قوله تعالى :﴿ أُمَّةً وَسَطًا ﴾ ( البقرة : ١٤٣ ). ﴿ لَوْلاَ تُسَبّحُونَ ﴾ لولا تذكرون الله وتتوبون إليه من خبث نيتكم، كأن أوسطهم قال لهم حين عزموا على ذلك : اذكروا الله وانتقامه من المجرمين، وتوبوا عن هذه العزيمة الخبيثة من فوركم، وسارعواإلى حسم شرها قبل حلول النقمة، فعصوه فعيرهم. والدليل عليه قولهم :﴿ سُبْحَانَ رَبّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ فتكلموا بما كان يدعوهم إلى التكلم به على أثر مقارفة الخطيئة، ولكن بعد خراب البصرة. وقيل : المراد بالتسبيح. الاستثناء لالتقائهما في معنى التعظيم لله، لأنّ الاستثناء تفويض إليه، والتسبيح تنزيه له ؛ وكل واحد من التفويض والتنزيه تعظيم. وعن الحسن : هو الصلاة، كأنهم كانوا يتوانون في الصلاة ؛ وإلاّ لنهتهم عن الفحشاء والمنكر، ولكانت لهم لطفاً في أن يستثنوا ولا يحرموا ﴿ سُبْحَانَ رَبّنَا ﴾ سبحوا الله ونزهوه عن الظلم وعن كل قبيح، ثم اعترفوا بظلمهم في منع المعروف وترك الاستثناء ﴿ يَتَلَاوَمُونَ ﴾ يلوم بعضهم بعضاً ؛ لأنّ منهم من زين، ومنهم من قبل، ومنهم من أمر بالكف وعذر ومنهم من عصى الأمر، ومنهم من سكت وهو أراض ﴿ أَن يُبْدِلَنَا ﴾ قرىء بالتشديد والتخفيف ﴿ إِلَى رَبّنَا راغِبُونَ ﴾ طالبون منه الخير راجون لعفوه ﴿ كَذَلِكَ الْعَذَابُ ﴾ مثل ذلك العذاب الذي بلونا به أهل مكة وأصحاب الجنة عذاب الدنيا ﴿ وَلَعَذَابُ الاْخِرَةِ ﴾ أشد وأعظم منه، وسئل قتادة عن أصحاب الجنة : أهم من أهل الجنة أم من أهل النار ؟ فقال : لقد كلفتني تعباً. وعن مجاهد : تابوا فأبدلوا خيراً منها. وروى عن ابن مسعود رضي الله عنه : بلغني أنهم أخلصوا وعرف الله منهم الصدق فأبدلهم بها جنة يقال لها الحيوان : فيها عنب يحمل البغل منه عنقوداً.
! ٧ < ﴿ إِنَّ لِّلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ > ٧ !
< < القلم :( ٣٤ ) إن للمتقين عند..... > > ﴿عِندَ رَبّهِمْ ﴾ أي في الآخرة ﴿ جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ ليس فيها إلا التنعم الخالص، لا يشوبه ما ينغصه كما يشوب جنان الدنيا.
! ٧ < ﴿ أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ * إِنَّ لَكُمْ فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ عَلَيْنَا بَالِغَةٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ ﴾ > ٧ !
< < القلم :( ٣٥ ) أفنجعل المسلمين كالمجرمين > > كان صناديد قريش يرون وفور حظهم من الدنيا وقلة حظوظ المسلمين منها، فإذا سمعوا بحديث الآخرة وما وعد الله المسلمين قالوا : إن صح أنا نبعث كما يزعم محمد

__________


الصفحة التالية
Icon