للحال، أي : يوم تشتدّ الحال أو الساعة، كما تقول : كشفت الحرب عن ساقها، على المجاز. وقرىء :( تكشف ) بالتاء المضمومة كسر الشين، من أكشف : إذا دخل في الكشف. ومنه. أكشف الرجل فهو مكشف، إذا انقلبت شفته العليا. وناصب الظرف : فليأتوا. أو إضمار ( اذكر ) أو يوم يكشف عن ساق كان كيت وكيت، فحذف للتهويل البليغ. وإن ثم من الكوائن ما لا يوصف لعظمه. عن ابن مسعود رضي الله عنه : تعقم أصلابهم واحداً، أي ترد عظاماً بلا مفاصل لا تنثني عند الرفع والخفض. وفي الحديث : وتبقى أصلابهم طبقا واحدا، أيّ، فقارة واحدة. فإن قلت : لم يدعون إلى السجود ولا تكليف ؟ قلت : لا يدعون إليه تعبداً وتكليفاً، ولكن توبيخاً وتعنيفاً على تركهم السجود في الدنيا، مع إعقام أصلابهم والحيلولة بينهم وبين الاستطاعة تحسيراً لهم وتنديماً على ما فرّطوا فيه حين دعوا إلى السجود، وهم سالمون الأصلاب والمفاصل ممكنون مزاحو العلل فيما تعبدوا به.
! ٧ < ﴿ فَذَرْنِى وَمَن يُكَذِّبُ بِهَاذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ * وَأُمْلِى لَهُمْ إِنَّ كَيْدِى مَتِينٌ ﴾ > ٧ !
< < القلم :( ٤٤ ) فذرني ومن يكذب..... > > يقال : ذرني وإياه، يريدون كله إليّ، فإني أكفيكه، كأنه يقول : حسبك إيقاعاً به أن تكل أمره إليّ وتخلى بيني وبينه، فإني عالم بما يجب أن يفعل به مطيق له، والمراد : حسبي مجازياً لمن يكذب بالقرآن، فلا تشغل قلبك بشأنه وتوكل عليّ في الانتقام منه تسلية لرسول الله ﷺ، وتهديداً للمكذبين. استدرجه إلى كذا : إذا استنزله إليه درجة فدرجة، حتى يورطه فيه. واستدراج الله العصاة أن يرزقهم الصحة والنعمة، فيجعلوا رزق الله ذريعة ومتسلقاً إلى ازدياد الكفر والمعاصي ﴿ مّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ أي : من الجهة التي لا يشعرون أنه استدراج وهو الإنعام عليهم، لأنهم يحسبونه إيثاراً لهم وتفضيلاً على المؤمنين، وهو سبب لهلاكهم ﴿ وَأُمْلِى لَهُمْ ﴾ وأمهلهم، كقوله تعالى :﴿ إِنَّمَا نُمْلِى لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمَاً ﴾ والصحة والرزق والمدّ في العمر : إحسان من الله وإفضال يوجب عليهم الشكر والطاعة، ولكنهم يجعلونه سبباً في الكفر باختيارهم، فلما تدرجوا به إلى الهلاك وصف المنعم بالاستدراج. وقيل : كم من مستدرج بالإحسان إليه، وكم من مفتون بالثناء عليه، وكم من مغرور بالستر عليه. وسمي إحسانه وتمكينه كيداً كما سماه استدراجاً، لكونه في صورة الكيد حيث كان سبباً للتورّط في الهلكة، ووصفه