تهبط منه أوامره ﴿ فِى يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ ﴾ كمقدار مدة ﴿ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ مما يعد الناس. والروح. جبريل عليه السلام، أفرده لتميزه بفضله. وقيل : الروح خلق هم حفظة على الملائكة، كما أنّ الملائكة حفظة على الناس. فإن قلت : بم يتعلق قوله ﴿ فَاصْبِرْ ﴾ ؟ قلت : يسأل سائل ؛ لأنّ استعجال النصر بالعذاب إنما كان على وجه الاستهزاء برسول اللَّه ﷺ والتكذيب بالوحي، وكان ذلك مما يضجر رسول الله ﷺ، فأمر بالصبر عليه، وكذلك من سأل عن العذاب لمن هو، فإنما سأل على طريق التعنت، وكان من كفار مكة. ومن قرأ :( سال سائل ) أو سيل، فمعناه : جاء العذاب لقرب وقوعه، فأصبر فقد شارفت الانتقام، وقد جعل ﴿ فِى يَوْمٍ ﴾ من صلة ﴿ وَاقِعٍ ﴾ أي : يقع في يوم طويل مقداره خمسون ألف سنة من سنيكم، وهو يوم القيامة : إما أن يكون استطالة له لشدّته على الكفار، وإما لأنه على الحقيقة كذلك. قيل : فيه خمسون موطئاً كل موطن ألف سنة، وما قدر ذلك على المؤمن إلا كما بين الظهر والعصر. الضمير في ﴿ يَرَوْنَهُ ﴾ للعذاب الواقع، أو ليوم القيامة فيمن علق ( في يوم ) بواقع ؛ أي : يستبعدونه على جهة الإحالة ﴿ وَنَرَاهُ ﴾ نحن ﴿ يَكُونَ قَرِيبًا ﴾ هيناً في قدر في قدرتنا غير بعيد علينا ولا متعذر، فالمراد بالبعيد من الإمكان، وبالقريب : القريب منه نصب ﴿ يَوْمَ تَكُونُ ﴾ بقريباً، أي : يمكن ولا يتعذر في ذلك اليوم. أو بإضمار يقع، لدلالة ( واقع ) عليه أو يوم تكون السماء كالمهل. كان كيت وكيت. أو هو بدل عن ( في يوم ) فيمن علقه بواقع ﴿ كَالْمُهْلِ ﴾ كدردى الزيت. وعن ابن مسعود : كالفضة المذابة وغرابيب سود، فإذا بست وطيرت في الجو : أشبهت العهن المنقوش إذا طيرته الريح ﴿ وَلاَ يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً ﴾ أي لا يسأله بكيف حالك ولا يكلمه، لأن بكل أحد ما يشغله عن المساءلة ﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ أي يبصر الأحماء الأحماء، فلا يخفون عليهم، فما يمنعهم من المساءلة أنّ بعضهم لا يبصر بعضاً، وإنما يمنعهم التشاغل : وقرىء :( يبصرونهم ) وقرىء :( ولا يسئل ) على البناء للمفعول، أي : لا يقال الحميم أين حميمك ولا يطلب منه ؛ لأنهم يبصرونهم فلا يحتاجون إلى السؤال والطلب. فإن قلت : ما موقع يبصرونهم ؟ قلت : هو كلام مستأنف، كأنه لما قال ﴿ وَلاَ يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً ﴾ قيل : لعله لا يبصره، فقيل : يبصرونهم ولكنهم لتشاغلهم لم يتمكنوا من تساؤلهم. فإن قلت : لم جمع الضميران في ﴿ يُبَصَّرُونَهُمْ ﴾ وهما للحميمين ؟ قلت : المعنى

__________


الصفحة التالية
Icon