الإنسان لإيثاره الجزع والمنع وتمكنهما منه ورسوخهما فيه، كأنه مجبول عليهما مطبوع، وكأنه أمر خلقي وضروري غير اختياري، كقوله تعالى :﴿ خُلِقَ الإنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ ﴾ ( الأنبياء : ٣٧ ) والدليل عليه أنه حين كان في البطن والمهد لم يكن به هلع، ولأنه ذمّ والله لا يذمّ فعله، والدليل عليه : استثناء المؤمنين الذين جاهدوا أنفسهم وحملوها على المكاره وظلّفوها عن الشهوات، حتى لم يكونوا جازعين ولا مانعين. وعن النبي ﷺ.
( ١٢٢٦ ) ( شرّ ما أعطى ابن آدم شحّ هالع وجبن خالع ) فإن قلت : كيف قال :﴿ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾ ثم على صلاتهم يحافظون ؟ قلت : معنى دوامهم عليها أن يواظبوا على أدائها لا يخلون بها ولا يشتغلون عنها بشىء من الشواغل، كما روي عن النبي ﷺ.
( ١٢٢٧ ) ( أفضل العمل أدومه وإن قلّ ) وقول عائشة :
( ١٢٢٨ ) كان عمله ديمة. ومحافظتهم عليها أن يراعوا إسباغ الوضوء لها ومواقيتها ويقيموا أركانها ويكملوها بسنتها وآدابها، ويحفظوها من الإحباط باقتراف المآثم، فالدوام يرجع إلى أنفس الصلوات والمحافظة إلى أحوالها ﴿ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾ هو الزكاة، لأنها مقدرة معلومة ؛ أو صدقة يوظفها الرجل على نفسه يؤديها في أوقات معلومة. السائل : الذي يسأل ﴿ وَالْمَحْرُومِ ﴾ الذي يتعفف عن السؤال فيحسب غنياً فيحرم ﴿ يُصَدّقُونَ بِيَوْمِ الدّينِ ﴾ تصديقاً بأعمالهم واستعدادهم له، ويشفقون من عذاب ربهم، واعتراض بقوله :﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾ أي لا ينبغي لأحد وإن بالغ في الطاعة والاجتهاد أن يأمنه. وينبغي أن يكون مترجحاً بين الخوف والرجاء. قرىء :( بشهادتهم ) ( وبشهاداتهم ) والشهادة من جملة الأمانات. وخصها من بينها إبانة لفضلها، لأنّ في إقامتها إحياء الحقوق وتصحيحها. وفي